جميع المواضيع
Affichage des articles dont le libellé est مقالات. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est مقالات. Afficher tous les articles

lundi 28 juillet 2014


في بلاد اللجوء القريب والشتات البعيد، حزنى مكلومين، صامتين باكين، تملأ الدموع عيونهم والمآقي، وترتسم على وجوههم صور المآسي، ويسكن قلوبهم الحزن والجوى، وألم البعد والنوى، وتباريح العجز والغياب، وظلم القانون وقهر الحدود، وجفاء القريب وتآمر الشقيق، وبؤس الحال وذل السؤال، يصمت لسانهم، وينطلق نبض قلوبهم، دعاءً ورجاءً، وأملاً وسؤالاً، لله الواحد القهار، أن يرحم هذا الشعب وأن يكون معه، وأن ينصره وألا يخذله، وأن يتكرم عليه بفضله، وأن يمن عليه بنصره، فهو وحده سبحانه وتعالى الرجاء، وفيه ومنه الأمل.
الغزيون بعيداً عن أرض الوطن، تتراءى أمام عيونهم البيوت المهدمة، والشوارع المدمرة، وآثار البِلَى والخراب، ومظاهر العدوان، ومآسي القصف، وما خلفته الصواريخ والغارات، وقذائف الدبابات ومدافع الميدان، وسلاح الطيران وبوارج البحر، فأحدثت في القطاع دماراً كأنه زلزال، وخراباً دونه الطوفان، وحريقاً لا يقل عنه البركان، فما نجا منه أحد، ولا أبقى شيئاً على حاله، حجراً أو شجراً، ولا طيراً أو بشراً.
لا تغيب عن الغزيين في شتاتهم المضني، وغيابهم المحزن المؤلم، وبعدهم القسري الجبري، صور أهلهم الصامدين، وشهدائهم البررة المنتقين، وأبنائهم المهرة المقاومين، ورجالهم الشُم الميامين، وإن كان يبكيهم كثيراً صور الأطفال الشهداء، الذين هشم العدو بصواريخه وقذائفه جماجمهم، ومزق أجسادهم، وبعثر أحشاءهم، وثقب أجسامهم، ولم يرحم براءتهم، ولم تشفع عنده طفولتهم، ولم ينقذهم من دمويته طهرهم الصادق، ونقاؤهم الخالص، ولا أن بعضهم كان في رحم أمه جنيناً ساكناً، وفي بطنها آمناً، ينتظر ساعة الخروج، ولكن الحقد الصهيوني طاله في رحم أمه، فقتله وإياها، وربما قتل من قبلهما أباه وجده، وعمه وخاله، وشقيقه وشقيقته، وهدم بيتهما، وأفسد حياة شعبهما.
الغزيون في شتاتهم بعيداً عن أهلهم ومخيماتهم، يتسمرون أمام المحطات الفضائية، يتابعون كل خبر، ويدققون في كل نبأ، تنخلع قلوبهم من صدورهم مع كل صاروخٍ يسقط، وتنفطر نفوسهم مع القذائف التي تنهمر، ويتبادلون الرسائل والصور، خوفاً وقلقاً، وحزناً وألماً، فهم يعرفون الأماكن، ويحفظون الشوارع، فهناك ولدوا وفي جنبات القطاع نشأوا وترعرعوا، فبات لهم في كل مكانٍ ذكرى وبقايا قصة، والكثير من الحكايا التي لا تنسى، فما زالوا يذكرون مدارسهم التي فيها درسوا، والشوارع التي كانوا فيها يمرون، والأسواق التي كانوا فيها يتجولون، والحواري التي شهدت طفولتهم، وزرعت فيهم حب الوطن، وأصالة الانتماء إليه، وشوق العودة إليه، والعيش فيه، ورفض التخلي عنه والتفريط فيه، أو المساومة عليه والقبول ببديلٍ عنه.
الغزيون في بلاد اللجوء والشتات شأنهم شأن أي فلسطينيٍ آخر، لا يختلفون عنهم في شيء، يقاسون مثلهم، ويعانون مثلما يعانون، ويشكون مما يشكون، ويتعرضون إلى المعاملة القاسية نفسها التي يتعرض لها كل فلسطيني، في كل البلاد والأصقاع، كثيرٌ منهم محرومٌ من العمل، وممنوعٌ من السفر، ولا يملكون الكثير من متاع الدنيا، ولا يستمتعون في الحياة كغيرهم، وكأنهم ليسوا بشراً، أو لا يحق لهم الانتساب إليهم، فتراهم يقفون على البوابات، وينتظرون على المعابر، ويمنعون من دخول المطارات، ويصطفون أمام السفارات، يبحثون عن عيشٍ كريم، وإيواءٍ عزيز، يقيهم ظلم القريب، وقسوة الأخ الشقيق.
رغم ذلك فإن الفلسطينيين جميعاً ومعهم الغزيين في الشتات، لا يعرفون كيف سيقضون أيام هذا العيد، وكيف سيطيب لهم المعايدة ولبس الجديد، وأكل الحلوى واللحم والثريد، وتقبل التهاني وتبادل الزيارات، بينما أهلهم في غزة بين مشردٍ وشهيد، وجريحٍ ومفقودٍ، وغائبٍ ومجهول المكان، ولا شيء يجمعهم، ولا بيت يؤويهم، ولا شيء عندهم يفرح ويسر، سوى مقاومتهم الصامدة، ورجالهم الشجعان، الذين حفظوا حقهم، وصانوا كرامتهم، وأدبوا عدوهم، ووقفوا له بالمرصاد، يردون عليه بالمثل، صاعاً بصاع، وكفاً بكف.
إنه يوم عيد الفطر السعيد، يأتي رغماً عنا، وبغير إرادةٍ منا، فقد أراده الله يوماً لنا، نفرح فيه بعد شهر صيامنا، والله يعلم أن مصابنا كبير، وجرحنا غائر، وخسائرنا كثيرة، ومصيبتنا عظيمة، وشهداؤنا قد ملأوا جوف الأرض وما زال غيرهم فوقها ينتظر من يدفنها ويواريها التراب، ولكنه جل وعلا قد مَنَّ علينا بالعزة والكرامة، هذه العزة التي كنا نتوق إليها ونتطلع، ونشتاق إليها ونتمنى، حتى كانت هذه المقاومة العظيمة، التي امتلكت الإرادة، وحازت على السلاح، وأصبحت ذات شوكةٍ قاسية، فأخافت العدو حقاً، وآلمته يقيناً، وعلمته أن هذا الشعب سيبقى قوياً عزيزاً، ولن يقبل أن يهان أو يستذل، ولن يسكت على من يحتل أرضه، ويقتل شعبه، ويسوم أهله سوء العذاب.
أيها الغزيون الفلسطينيون الشرفاء، في الوطن والشتات، لا تحزنوا في يوم عيد فطركم على ما أصابكم، ولا تبكوا فقيدكم، فهم عند الله شهداء، وبين يديه جل وعلا كرماء، وعنده سيكونون خير النزلاء، مع الصديقين والأنبياء، واعلموا أن ما أصابكم من حيفٍ فإنه سينقلب إلى عدل، وأن دماءكم ستصبح ثورة، وستصنع انتفاضة، تكون على العدو لعنة، ولوجوده نهاية، ولبقائه خاتمة، وإنه لنصرٍ بإذن الله قريب، نصنعه بأيدينا ككعك العيد، ونفرح به يوم أن ننتصر على عدونا، ونعود إلى أرضنا كفرحة عيد، فهذا وعدٌ من الله لنا صادقٌ غير مكذوب.

غزة عيد تحت النار


في بلاد اللجوء القريب والشتات البعيد، حزنى مكلومين، صامتين باكين، تملأ الدموع عيونهم والمآقي، وترتسم على وجوههم صور المآسي، ويسكن قلوبهم الحزن والجوى، وألم البعد والنوى، وتباريح العجز والغياب، وظلم القانون وقهر الحدود، وجفاء القريب وتآمر الشقيق، وبؤس الحال وذل السؤال، يصمت لسانهم، وينطلق نبض قلوبهم، دعاءً ورجاءً، وأملاً وسؤالاً، لله الواحد القهار، أن يرحم هذا الشعب وأن يكون معه، وأن ينصره وألا يخذله، وأن يتكرم عليه بفضله، وأن يمن عليه بنصره، فهو وحده سبحانه وتعالى الرجاء، وفيه ومنه الأمل.
الغزيون بعيداً عن أرض الوطن، تتراءى أمام عيونهم البيوت المهدمة، والشوارع المدمرة، وآثار البِلَى والخراب، ومظاهر العدوان، ومآسي القصف، وما خلفته الصواريخ والغارات، وقذائف الدبابات ومدافع الميدان، وسلاح الطيران وبوارج البحر، فأحدثت في القطاع دماراً كأنه زلزال، وخراباً دونه الطوفان، وحريقاً لا يقل عنه البركان، فما نجا منه أحد، ولا أبقى شيئاً على حاله، حجراً أو شجراً، ولا طيراً أو بشراً.
لا تغيب عن الغزيين في شتاتهم المضني، وغيابهم المحزن المؤلم، وبعدهم القسري الجبري، صور أهلهم الصامدين، وشهدائهم البررة المنتقين، وأبنائهم المهرة المقاومين، ورجالهم الشُم الميامين، وإن كان يبكيهم كثيراً صور الأطفال الشهداء، الذين هشم العدو بصواريخه وقذائفه جماجمهم، ومزق أجسادهم، وبعثر أحشاءهم، وثقب أجسامهم، ولم يرحم براءتهم، ولم تشفع عنده طفولتهم، ولم ينقذهم من دمويته طهرهم الصادق، ونقاؤهم الخالص، ولا أن بعضهم كان في رحم أمه جنيناً ساكناً، وفي بطنها آمناً، ينتظر ساعة الخروج، ولكن الحقد الصهيوني طاله في رحم أمه، فقتله وإياها، وربما قتل من قبلهما أباه وجده، وعمه وخاله، وشقيقه وشقيقته، وهدم بيتهما، وأفسد حياة شعبهما.
الغزيون في شتاتهم بعيداً عن أهلهم ومخيماتهم، يتسمرون أمام المحطات الفضائية، يتابعون كل خبر، ويدققون في كل نبأ، تنخلع قلوبهم من صدورهم مع كل صاروخٍ يسقط، وتنفطر نفوسهم مع القذائف التي تنهمر، ويتبادلون الرسائل والصور، خوفاً وقلقاً، وحزناً وألماً، فهم يعرفون الأماكن، ويحفظون الشوارع، فهناك ولدوا وفي جنبات القطاع نشأوا وترعرعوا، فبات لهم في كل مكانٍ ذكرى وبقايا قصة، والكثير من الحكايا التي لا تنسى، فما زالوا يذكرون مدارسهم التي فيها درسوا، والشوارع التي كانوا فيها يمرون، والأسواق التي كانوا فيها يتجولون، والحواري التي شهدت طفولتهم، وزرعت فيهم حب الوطن، وأصالة الانتماء إليه، وشوق العودة إليه، والعيش فيه، ورفض التخلي عنه والتفريط فيه، أو المساومة عليه والقبول ببديلٍ عنه.
الغزيون في بلاد اللجوء والشتات شأنهم شأن أي فلسطينيٍ آخر، لا يختلفون عنهم في شيء، يقاسون مثلهم، ويعانون مثلما يعانون، ويشكون مما يشكون، ويتعرضون إلى المعاملة القاسية نفسها التي يتعرض لها كل فلسطيني، في كل البلاد والأصقاع، كثيرٌ منهم محرومٌ من العمل، وممنوعٌ من السفر، ولا يملكون الكثير من متاع الدنيا، ولا يستمتعون في الحياة كغيرهم، وكأنهم ليسوا بشراً، أو لا يحق لهم الانتساب إليهم، فتراهم يقفون على البوابات، وينتظرون على المعابر، ويمنعون من دخول المطارات، ويصطفون أمام السفارات، يبحثون عن عيشٍ كريم، وإيواءٍ عزيز، يقيهم ظلم القريب، وقسوة الأخ الشقيق.
رغم ذلك فإن الفلسطينيين جميعاً ومعهم الغزيين في الشتات، لا يعرفون كيف سيقضون أيام هذا العيد، وكيف سيطيب لهم المعايدة ولبس الجديد، وأكل الحلوى واللحم والثريد، وتقبل التهاني وتبادل الزيارات، بينما أهلهم في غزة بين مشردٍ وشهيد، وجريحٍ ومفقودٍ، وغائبٍ ومجهول المكان، ولا شيء يجمعهم، ولا بيت يؤويهم، ولا شيء عندهم يفرح ويسر، سوى مقاومتهم الصامدة، ورجالهم الشجعان، الذين حفظوا حقهم، وصانوا كرامتهم، وأدبوا عدوهم، ووقفوا له بالمرصاد، يردون عليه بالمثل، صاعاً بصاع، وكفاً بكف.
إنه يوم عيد الفطر السعيد، يأتي رغماً عنا، وبغير إرادةٍ منا، فقد أراده الله يوماً لنا، نفرح فيه بعد شهر صيامنا، والله يعلم أن مصابنا كبير، وجرحنا غائر، وخسائرنا كثيرة، ومصيبتنا عظيمة، وشهداؤنا قد ملأوا جوف الأرض وما زال غيرهم فوقها ينتظر من يدفنها ويواريها التراب، ولكنه جل وعلا قد مَنَّ علينا بالعزة والكرامة، هذه العزة التي كنا نتوق إليها ونتطلع، ونشتاق إليها ونتمنى، حتى كانت هذه المقاومة العظيمة، التي امتلكت الإرادة، وحازت على السلاح، وأصبحت ذات شوكةٍ قاسية، فأخافت العدو حقاً، وآلمته يقيناً، وعلمته أن هذا الشعب سيبقى قوياً عزيزاً، ولن يقبل أن يهان أو يستذل، ولن يسكت على من يحتل أرضه، ويقتل شعبه، ويسوم أهله سوء العذاب.
أيها الغزيون الفلسطينيون الشرفاء، في الوطن والشتات، لا تحزنوا في يوم عيد فطركم على ما أصابكم، ولا تبكوا فقيدكم، فهم عند الله شهداء، وبين يديه جل وعلا كرماء، وعنده سيكونون خير النزلاء، مع الصديقين والأنبياء، واعلموا أن ما أصابكم من حيفٍ فإنه سينقلب إلى عدل، وأن دماءكم ستصبح ثورة، وستصنع انتفاضة، تكون على العدو لعنة، ولوجوده نهاية، ولبقائه خاتمة، وإنه لنصرٍ بإذن الله قريب، نصنعه بأيدينا ككعك العيد، ونفرح به يوم أن ننتصر على عدونا، ونعود إلى أرضنا كفرحة عيد، فهذا وعدٌ من الله لنا صادقٌ غير مكذوب.

نشر في : 15:28 |  من طرف Unknown

vendredi 18 juillet 2014


الصمت العربي المريب على المستوى السياسي الرسمي إزاء المجازر الوحشية بغزة، يوحي بهاجس فظيع، وهو إمهال الأحداث على الأرض كي تتبين إثرها مدى قدرة الكيان الصهيوني على إنهاك المقاومة إلى حدود قصوى، فتُصبح معها ـ بدافع الخوف على أرواح الشعب التي تزهقها الآلة الحربية الإجرامية ـ فتستوي المقاومة حينئذ للقبول بهدنة مكرهة عليها، قد تقبل معها بإجراءات تفضي إلى فقدانها أسباب قوتها، ومن ثمة تساهم بنفسها في القضاء على نفوذها وحضورها في الشارع الفلسطيني.
فيتحقق للقوى العربية الرسمية هدفها الثمين وهو زوال آخر معقل للإخوان الذي أجهزت عليه في مصر، وعازمة القضاء عليه في كامل المنطقة العربية.
ومما يعزز إمكانية هذه الفرضية مؤشرات منها :-
- تسريبات إعلامية مقصودة (من مصادر إعلام صهيوينة وعربية على السواء)  حول مسودة هدنة تعرض على الطرفين، تتضمن في طياتها القضاء على مخزون المقاومة من الأسلحة (وجد العدو الماكر المجرم في نموذج التخلص من الأسلحة الكيماوية السورية ما يسند رغبته).
- التلكؤ في عقد اجتماع طارئ عربي يعبر عن خطورة ما يحدث للمدنيين.
- الأساليب الإعلامية في بلاد الأنظمة الجادة في استراتيجتها الحاسمة للقضاء على الوجود الإخواني، وهي الفرصة الثمينة كذلك للقضاء على المقاومة. تلك الأساليب الإعلامية التي اتسمت بـ: تحميل المقاومة سببَ ما يقع للمدنيين – الخلط الإعلامي بين المقاومة والتنظيم الإخواني – والتهوين مما يقع بالتركيز على أخبار وقضايا أقل أهمية مما يقع.
- طبيعة المساعدات المُعلن عنها موجّهة تحديدًا للجانب الإنساني، وتجاهل مطبق عن عمد المساعدات العسكرية بأي حال من الأحوال؛ مما يفصح عن الرؤية العربية الرسمية  المتلخّصة في عدم الاعتراف بحق المقاومة المسلحة في الحصول على السلاح لتقوم بواجبها المشروع شرعًا وقانونًا، وفي أعراف الشعوب التي تعرضت للاحتلال.
وقد يذهب التوجس بصاحبه بعيدًا حول إمكان التخطيط للدفع نحو هذا الوضع الملتهب؛ وينشأ هذا المستوى من التوجس  إذا ما نظرنا إلى الأسباب الحقيقية التي دعت الكيان الصهيوني لشن هذه الجريمة المنكرة والشرسة، إضافة لما تسرب من أخبار عن إنطلاقها إثر زيارة سرية لشخصية مخابراتية عربية بارزة. وأعتقد من المهم النظر إلى هذه الجزئية في سياق الأوضاع المستجدة في المنطقة التي يطبعها استراتيجية التخلص من الوجود الإخواني الذي يمثل واحدة من أهم أولويات الأهداف الاستراتيجية لقوى عربية ودولية.

الصمت العربي


الصمت العربي المريب على المستوى السياسي الرسمي إزاء المجازر الوحشية بغزة، يوحي بهاجس فظيع، وهو إمهال الأحداث على الأرض كي تتبين إثرها مدى قدرة الكيان الصهيوني على إنهاك المقاومة إلى حدود قصوى، فتُصبح معها ـ بدافع الخوف على أرواح الشعب التي تزهقها الآلة الحربية الإجرامية ـ فتستوي المقاومة حينئذ للقبول بهدنة مكرهة عليها، قد تقبل معها بإجراءات تفضي إلى فقدانها أسباب قوتها، ومن ثمة تساهم بنفسها في القضاء على نفوذها وحضورها في الشارع الفلسطيني.
فيتحقق للقوى العربية الرسمية هدفها الثمين وهو زوال آخر معقل للإخوان الذي أجهزت عليه في مصر، وعازمة القضاء عليه في كامل المنطقة العربية.
ومما يعزز إمكانية هذه الفرضية مؤشرات منها :-
- تسريبات إعلامية مقصودة (من مصادر إعلام صهيوينة وعربية على السواء)  حول مسودة هدنة تعرض على الطرفين، تتضمن في طياتها القضاء على مخزون المقاومة من الأسلحة (وجد العدو الماكر المجرم في نموذج التخلص من الأسلحة الكيماوية السورية ما يسند رغبته).
- التلكؤ في عقد اجتماع طارئ عربي يعبر عن خطورة ما يحدث للمدنيين.
- الأساليب الإعلامية في بلاد الأنظمة الجادة في استراتيجتها الحاسمة للقضاء على الوجود الإخواني، وهي الفرصة الثمينة كذلك للقضاء على المقاومة. تلك الأساليب الإعلامية التي اتسمت بـ: تحميل المقاومة سببَ ما يقع للمدنيين – الخلط الإعلامي بين المقاومة والتنظيم الإخواني – والتهوين مما يقع بالتركيز على أخبار وقضايا أقل أهمية مما يقع.
- طبيعة المساعدات المُعلن عنها موجّهة تحديدًا للجانب الإنساني، وتجاهل مطبق عن عمد المساعدات العسكرية بأي حال من الأحوال؛ مما يفصح عن الرؤية العربية الرسمية  المتلخّصة في عدم الاعتراف بحق المقاومة المسلحة في الحصول على السلاح لتقوم بواجبها المشروع شرعًا وقانونًا، وفي أعراف الشعوب التي تعرضت للاحتلال.
وقد يذهب التوجس بصاحبه بعيدًا حول إمكان التخطيط للدفع نحو هذا الوضع الملتهب؛ وينشأ هذا المستوى من التوجس  إذا ما نظرنا إلى الأسباب الحقيقية التي دعت الكيان الصهيوني لشن هذه الجريمة المنكرة والشرسة، إضافة لما تسرب من أخبار عن إنطلاقها إثر زيارة سرية لشخصية مخابراتية عربية بارزة. وأعتقد من المهم النظر إلى هذه الجزئية في سياق الأوضاع المستجدة في المنطقة التي يطبعها استراتيجية التخلص من الوجود الإخواني الذي يمثل واحدة من أهم أولويات الأهداف الاستراتيجية لقوى عربية ودولية.

نشر في : 21:51 |  من طرف Unknown

jeudi 17 juillet 2014


لأن المقاومة مقاومة، ولأن السياق الدولي والإقليمي يعاكس تطلعات تحرير الأرض الفلسطينية المحتلة، ولأن محاولات الإجهاض المستمرة للفعل المقاوم جارية على قدم وساق كي يأمن الكيان الصهيوني ويأمن احتلاله البغيض، ولأن المقاومة هي الجواب الشافي الكافي على كل هذه التغطية الدولية والتضليل الإعلامي لحقيقة الغصب الصهيوني منذ 1948 مرورا بـ1967 ثم بما سمي مفاوضات السلام وبمهازل أوسلو في التسعينات... كانت المقاومة وبقيت المقاومة وقاومت هذا السيل الجارف من تحريف الحقائق فكان أفقها هو تجدير أفق المقاومة.
ولم يكن ليحصل لها أن تثبت وتصمد لولا الحاجة الموضوعية لها، فهي صف الحق وهي جدار الدفاع عن الشرف والعزة وهي الشرف كله والعزة كلها دون تنقيص ولا تبخيس.
ظلت المقاومة تبدع لتصمد، وتبدع لتبقى، وتبدع لتقاوم الابتذال والخيانة والتواطؤ المفضوح.
قاومت فأبدعت انتفاضة الحجارة التي أرهقت الكيان الصهيوني وقضت مضجعه وحركت ركودا مميتا أراده المجتمع الدولي لقضية تحرير الأرض والإرادة.
قاومت فأبدعت العمليات الفدائية البطولية التي أرعبت الصهاينة وفضحت تكالب الأنظمة الخائنة باجتماعاتها المتكررة وبأجندتها المحرفة من مطلب تحرير الأرض إلى مطلب محاربة الإرهاب، وأربكت مسلسل السلام المزعوم فظلت اتفاقيات أوسلو المخزية وملحقاتها حبرا على ورق.
فكانت المقاومة مفتاحا ميدانيا للبرهنة على أن استراتيجيتها هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض وما عداها مضيعة للوقت وتمديدا لعمر الاحتلال.
قاومت فأبدعت في جزء منها استراتيجية "تثوير أوسلو" من خلال مزاحمة سلطة أوسلو من الداخل دون التخلي عن مقاومة الكيان الصهيوني، فنجم عن ذلك تحرير غزة وطرد الكيان الصهيوني منها.
قاومت فأبدعت أشكالا جديدة في المقاومة الشاملة للحصار المفروض على أهل غزة، وأحرجت المجتمع الدولي حين فازت بثقة الشعب الفلسطيني في انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية شهد بها العالم والمراقبون الدوليون، وجعلت خطاب الديمقراطية الدولي ينفضح أمام استحقاق فوزها بأغلبية مقاعد التشريعي، وأحرجت السلطة الفلسطينية التي لطالما سوقت لصورة مغلوطة عن جزء من المقاومة كونها لا تؤمن لا بانتخابات ولا بديمقراطية.
قاومت فأبدعت حين انطلقت من قاعدة ارتكازها القوية بغزة لتطور ذاتها وإمكانياتها وممكناتها، وتكيفت بشكل خلاق مع التحالفات الجارية إقليميا من أجل مصلحة المقاومة.
فهي لم تقدس حلفا ولم تكن عامل تغطية على جرائم قتلة شعوبهم تحت أية ذريعة كانت بقدر ما وضعت نصب أعينها من يخدم مصلحة تحرير الأرض والشعب.
قاومت فأبدعت شكلا جديدا لمواجهة الجيش الذي قيل عنه لا يقهر، شيدت الأنفاق وأعدت العدة المتواضعة التي تملك فانتصرت في عز الحصار، وقايضت الصهاينة بجنديهم المخطوف مقابل إطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين.
قاومت فأبدعت شكلا جديدا لإرغام جيش نظامي على التراجع في هجمته وعلى العودة دون أن يظفر لا بغزة ولا بالجندي المخطوف.
قاومت فأبدعت طريقا للمصالحة لا يتخلى على المبادئ وعلى الحقوق وقابلا للتكيف ولتوزيع الأدوار بما يحفظ الحق في المقاومة وفي عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب.
وهي الآن تقاوم ومع استمرار المقاومة استمرارا الإبداع بصواريخ من صنع ذاتي يبلغ مداها قلب الكيان الصهيوني، وبطائرات بدون طيار من صنع محلي...
لن تكون المقاومة إلا مقاومة وكفى، ولن يكون الإبداع والتطوير الذاتي إلا من نتائج هذه المقاومة وكفى...



لأن المقاومة مقاومة


لأن المقاومة مقاومة، ولأن السياق الدولي والإقليمي يعاكس تطلعات تحرير الأرض الفلسطينية المحتلة، ولأن محاولات الإجهاض المستمرة للفعل المقاوم جارية على قدم وساق كي يأمن الكيان الصهيوني ويأمن احتلاله البغيض، ولأن المقاومة هي الجواب الشافي الكافي على كل هذه التغطية الدولية والتضليل الإعلامي لحقيقة الغصب الصهيوني منذ 1948 مرورا بـ1967 ثم بما سمي مفاوضات السلام وبمهازل أوسلو في التسعينات... كانت المقاومة وبقيت المقاومة وقاومت هذا السيل الجارف من تحريف الحقائق فكان أفقها هو تجدير أفق المقاومة.
ولم يكن ليحصل لها أن تثبت وتصمد لولا الحاجة الموضوعية لها، فهي صف الحق وهي جدار الدفاع عن الشرف والعزة وهي الشرف كله والعزة كلها دون تنقيص ولا تبخيس.
ظلت المقاومة تبدع لتصمد، وتبدع لتبقى، وتبدع لتقاوم الابتذال والخيانة والتواطؤ المفضوح.
قاومت فأبدعت انتفاضة الحجارة التي أرهقت الكيان الصهيوني وقضت مضجعه وحركت ركودا مميتا أراده المجتمع الدولي لقضية تحرير الأرض والإرادة.
قاومت فأبدعت العمليات الفدائية البطولية التي أرعبت الصهاينة وفضحت تكالب الأنظمة الخائنة باجتماعاتها المتكررة وبأجندتها المحرفة من مطلب تحرير الأرض إلى مطلب محاربة الإرهاب، وأربكت مسلسل السلام المزعوم فظلت اتفاقيات أوسلو المخزية وملحقاتها حبرا على ورق.
فكانت المقاومة مفتاحا ميدانيا للبرهنة على أن استراتيجيتها هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض وما عداها مضيعة للوقت وتمديدا لعمر الاحتلال.
قاومت فأبدعت في جزء منها استراتيجية "تثوير أوسلو" من خلال مزاحمة سلطة أوسلو من الداخل دون التخلي عن مقاومة الكيان الصهيوني، فنجم عن ذلك تحرير غزة وطرد الكيان الصهيوني منها.
قاومت فأبدعت أشكالا جديدة في المقاومة الشاملة للحصار المفروض على أهل غزة، وأحرجت المجتمع الدولي حين فازت بثقة الشعب الفلسطيني في انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية شهد بها العالم والمراقبون الدوليون، وجعلت خطاب الديمقراطية الدولي ينفضح أمام استحقاق فوزها بأغلبية مقاعد التشريعي، وأحرجت السلطة الفلسطينية التي لطالما سوقت لصورة مغلوطة عن جزء من المقاومة كونها لا تؤمن لا بانتخابات ولا بديمقراطية.
قاومت فأبدعت حين انطلقت من قاعدة ارتكازها القوية بغزة لتطور ذاتها وإمكانياتها وممكناتها، وتكيفت بشكل خلاق مع التحالفات الجارية إقليميا من أجل مصلحة المقاومة.
فهي لم تقدس حلفا ولم تكن عامل تغطية على جرائم قتلة شعوبهم تحت أية ذريعة كانت بقدر ما وضعت نصب أعينها من يخدم مصلحة تحرير الأرض والشعب.
قاومت فأبدعت شكلا جديدا لمواجهة الجيش الذي قيل عنه لا يقهر، شيدت الأنفاق وأعدت العدة المتواضعة التي تملك فانتصرت في عز الحصار، وقايضت الصهاينة بجنديهم المخطوف مقابل إطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين.
قاومت فأبدعت شكلا جديدا لإرغام جيش نظامي على التراجع في هجمته وعلى العودة دون أن يظفر لا بغزة ولا بالجندي المخطوف.
قاومت فأبدعت طريقا للمصالحة لا يتخلى على المبادئ وعلى الحقوق وقابلا للتكيف ولتوزيع الأدوار بما يحفظ الحق في المقاومة وفي عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب.
وهي الآن تقاوم ومع استمرار المقاومة استمرارا الإبداع بصواريخ من صنع ذاتي يبلغ مداها قلب الكيان الصهيوني، وبطائرات بدون طيار من صنع محلي...
لن تكون المقاومة إلا مقاومة وكفى، ولن يكون الإبداع والتطوير الذاتي إلا من نتائج هذه المقاومة وكفى...



نشر في : 12:48 |  من طرف Unknown

mardi 8 juillet 2014



إن واقع الامة العربية مرير، ووإنه للأسف الشديد يرتبط ارتباطا وثيقا بالحليف الامريكى المحبوب من الحكام والمفروض من الشعوب، وهذا من خلال الاعلام الذى نجده دائما فى إما استقبال الحفاوة للأمريكان والاروبيين، وإما التنديد وحرق الاعلام الاسرائيلية والامريكية من الشعوب، وحتى فى بعض البلدان العالم نجد المظاهرات المنددة والمستنكرة للكثيرمن تلك المؤتمرات للقمة من سياسية واقتصادية. العراق فى وطة بين العرب، وبين جيرانه وعلى ارضه، الدماء لا تكف عن الانسكاب والتدمير لا يتوقف عن الحدوث، فى كل وقت وكل حين. والامريكان فى ورطة مع انفسهم ومع العالم، ولا يعرفوا ايستمروا ام يتوقفوا. ليس لديهم حسابات او خطط او اهداف او حتى مؤشرات لما هو حادث بالفعل، وما يمكن بان يكون عليه الوضع فى المستقبل. للأسف الشديد اننا نجد بان الفوضى قد عمت كلا من المنطقة العربية والرؤية الامريكية بسياستها واقتصادها وكل علاقاتها مع المنطقة التى استخدموا فيها القوة الجبارة لكى تركع لهم.
هناك اعتراف غير رسمى فى الخفاء او السر من كل العرب باسرائيل. المشكلة تكمن فى الاعتراف العلنى والصريح والواضح باسرائيل، وكيف يمكن بان يتقبل ذلك الشعوب العربية.
هل هى بالفعل مرحلة جديدة فى العلاقات الفلسطينية الفلسطينية، والعلاقات الفلسطينية الاسرائيلية. وأن الطريق الصحيح نحو عملية السالام هو الذى سوف تتبلور عنه المرحلة المقبلة. هذا ما يتمناه كل فلسطينى وكل عربى. نريد بان يسلك حماس نفس الطريق نحو المصالحة وعملية السلام، وبالتأكيد حماس تسعى نحو الهدف، ولكن قد يكون هناك اختلاف فى الاساليب، ولكن قد يكون من الصعب جدا ما اختارته حماس ولكن يجب بان لا يكون صعبا فى علاقاتها مع باقى الفصائل الفلطسينية.
فرنسا تقوم بجهد مشكور فى محاول الوفاق بين الاحزاب اللبنانية، او بين الموالاة والمعارضة، وهذا من اجل مصلحة لبنان الذى تدهورت اوضاعة السياسة كثيرا، سواءا على الساحة الداخلية او الخارجية. لم يستطيع العرب بان يفعلوا شيئا للبنان، سواءا من خلال المساعى التى تقوم بها الجامعة العربية او بعضا الدول العربية، او حتى مؤتمر القمة. هذا قد يكون الملجأ الاخير من اجل عودة الهدوء والاستقرار إلى لبنان. لاشك بان كلا من سوريا وايران لهما دورا كبيرا فى السياسة اللبنانية الداخلية.
أن الاصلاحات التى قام بها حزب العدالة والتنمية فى تركيا كثيرة، وتستحق الاعجاب والتقدير. إن الرئيس رجب اردوغان قام بجهود عظيمة من اجل تركيا، ويسير بها نحو المستقبل الافضل والمشرق وقام بالكثير من تلك الانجازات التى قد تحققت فى عهده. لاشك بان الشعب التركى يقدر تلك الجهود ويريده بان يستمر فيها، وان يواصل برنامجة الانتخابى من اجل الارتقاء بتركيا، وان تصبح فى مصاف الدول المتقدمة. هناك احتمال كبير بفوز حزب العدالة والتنمية فى هذه الانتخابات التى تجرى فى تركيا الان.
الكل يأمل خير من هذا المؤتمر، وعلى ان تكون نتائجه ايجابية فى صالح الصومال، وان يعود إلى الصومال هدوءه واستقراره، والذى من شأنه بان يخفف المعاناة لهذا الشعب الفقير باقتصاده الغنى بخيرات بلاده.
إن أفريقيا قارة عظيمة فى خيراتها وحضارتها وتاريخ كفاحها، وإن الهند بالفعل ايضا دولة عظمية فى خيراتها وحضارتها وكفاحها، ولكن للأسف الشديد كلاهما شديدى الفقر الجهل وهناك الكثير والكثير من الاصلاحات لابد منها، حتى يلحقوا بالركب الحضارى الحديث. إن من يسافر إلى هذه البلاد هو معرض للخطر من كل ما بها من مساوئ، ولكنه قد يعجب بالكثير من تلك الاثار السياحية والمشاهد للغابات والادغال والحيوانات والطبيعة. ويتعجب لماذا وهب الله لهذه البلاد كل هذا الخير ولم يستطيع اهلها ان يكونوا افضل من الكثير من الدول المتقدمة التى تفتقر إلى الكثير من هذه المقومات المتواجدة هنا.
لا نستبعد أي شئ تقوم به أية جهة داخلية او خارجية فى السودان من احداث القلاقل التى تؤدى إلى المزيد من تلك التوترات السياسية، ولاتى تحاول جاهدة الحكومة السودانية احتوائها والسيطرة عليها. إنها محاصرة من الخارج والداخل، من المجتمع الدولى والمجتمع الاقليمى والمجتمع المحلى. إنها فى حاجة إلى مساعدة ومساندة من الدول العربية والدول الصديقة التى تخرج بها من محنتها إلى بر الامان. 

==
نقاط مضيئة 

البداية
إننا فى عالم أصبح معقد، ولابد من التعرف على ما يحدث حولنا، ولم نعد بعيدين أو منفردين أو منعزلين، وإنما أصبحنا نشارك بعضنا البعض، والقيام بالمشاركات اللازمة، والتى تساعد على تحقيق كل ما يمكن من شأنه بأن يؤدى الدور اللازم فى ما نسعى من أجله، وأن نكون على المستوى الحضاري اللائق. هذه هى البداية، ولكن هناك الكثير والكثير مما يجب علينا عمله والقيام به. ومشوار الألف ميل يبدأ بالخطوة الأولى.

أفضل وأرقى الكائنات
إن الإنسان ليس حيوانا يأكل فقط ولا يشعر بأنه يعيش حرا، له كرامته وحقوقه المشروعة التي يناضل من أجل الحصول عليها. إننا نرفض الأكل والشرب حتى يدرك العدو أو الظالم أو المحتل بأننا من فصيلة البشر، لدينا عقول تميز بين الصحيح والخطأ. إنه شعور إنساني يحدث في كل دول العالم، هذا الرفض الصامت الذي له دلالته الخطير يدل على أن الإنسان خلق لكي يعيش حرا. كيف لأي جهة كانت أن تستعبد الناس وقد خلقهم الله أحرارا؟ إن الأمعاء الخاوية إن دلت على شيء فإنما تدل على أننا نستطيع بأن نصبر على الجوع والعطش ولكننا لا نستطيع أن نصبر على الذل والمهانة مع المحتل والمتعدي على الحرمات. 

عالم تغير
بعد أحداث سبتمبر، والتى تعتبر ضربة قاصمة فى العمق الأمريكى، فإنها لها إيجابيتها فى السياسة ألأمريكية بحيث أنها أصبح لها الحق فى القيام بالعمليات العسكرية فى كل أنحاء الكرة الأرضية، بدون الرجوع إلى أحد أو حتى الأمم المتحدة. 

الاصلاح ضرورة للشعوب
هل من الممكن بأن نصبح فى ذلك الوضع الحضارى المتقدم؟ ولا يكون هناك تلك الأنتقادات (أولا من أنفسنا) ، ومن الدول الغربية التى أصبحت ترى مساوئنا التى نحاول بأن نخفيها، ولكن المستور ظهر، ويبدو بأن ليس أمامنا إلا القيام بالأصلاحات المطلوبة. فإن الشئ الصحيح والسليم فى المسيرة والنهضة الحضارية التى نريدها لشعوبنا. وليس الكلام وترييف الحقائق، ونجد بأننا فى وضع مأساوى، ونضحك على أنفسنا ونحاول بأن نوهم الأخرين بأننا فى أحسن ما يكون، والأوضاع تمام التمام. لابد من العمل الجاد والله الموفق،

نظام وفوضى
العالم أصبح ملئ بالفوضى السياسية. الأحداث المتلاحقة فى كل بلدان العالم من كوارث وأزمات، والهروب..إلى لا مكان.. وإنما أصبح الكل يهاجم وعادى الكل...هذه هى الحاضرة المعاصرة..

ألتزام وحرية
ما أجمل الحرية، فى الرأى والفكر وكل شئ، ولكن لابد من ضوابط، ومعرفة ما هى الحرية. لا للفساد لا للتفسخ الأخلاقى لا للتعدى على حقوق الأخرين.

فضائيات
كل ما هو مفيد ونافع، يجدب أن يعرض، وما هو خلاف ذلك فيجب أن ينظر فيه. لماذا لا يكون هناك أستفتاءات يمكن من خلالها التعرف على مدى أهتمامات المشاهدين. ولابد من أن يكون هناك رعاية من الجهات المسئولة، للتوجيه الصحيح لما يجب بأن يعرض. نريد مجتمعات صالحة فعالة نافعة.

واقع الامة العربية المرير



إن واقع الامة العربية مرير، ووإنه للأسف الشديد يرتبط ارتباطا وثيقا بالحليف الامريكى المحبوب من الحكام والمفروض من الشعوب، وهذا من خلال الاعلام الذى نجده دائما فى إما استقبال الحفاوة للأمريكان والاروبيين، وإما التنديد وحرق الاعلام الاسرائيلية والامريكية من الشعوب، وحتى فى بعض البلدان العالم نجد المظاهرات المنددة والمستنكرة للكثيرمن تلك المؤتمرات للقمة من سياسية واقتصادية. العراق فى وطة بين العرب، وبين جيرانه وعلى ارضه، الدماء لا تكف عن الانسكاب والتدمير لا يتوقف عن الحدوث، فى كل وقت وكل حين. والامريكان فى ورطة مع انفسهم ومع العالم، ولا يعرفوا ايستمروا ام يتوقفوا. ليس لديهم حسابات او خطط او اهداف او حتى مؤشرات لما هو حادث بالفعل، وما يمكن بان يكون عليه الوضع فى المستقبل. للأسف الشديد اننا نجد بان الفوضى قد عمت كلا من المنطقة العربية والرؤية الامريكية بسياستها واقتصادها وكل علاقاتها مع المنطقة التى استخدموا فيها القوة الجبارة لكى تركع لهم.
هناك اعتراف غير رسمى فى الخفاء او السر من كل العرب باسرائيل. المشكلة تكمن فى الاعتراف العلنى والصريح والواضح باسرائيل، وكيف يمكن بان يتقبل ذلك الشعوب العربية.
هل هى بالفعل مرحلة جديدة فى العلاقات الفلسطينية الفلسطينية، والعلاقات الفلسطينية الاسرائيلية. وأن الطريق الصحيح نحو عملية السالام هو الذى سوف تتبلور عنه المرحلة المقبلة. هذا ما يتمناه كل فلسطينى وكل عربى. نريد بان يسلك حماس نفس الطريق نحو المصالحة وعملية السلام، وبالتأكيد حماس تسعى نحو الهدف، ولكن قد يكون هناك اختلاف فى الاساليب، ولكن قد يكون من الصعب جدا ما اختارته حماس ولكن يجب بان لا يكون صعبا فى علاقاتها مع باقى الفصائل الفلطسينية.
فرنسا تقوم بجهد مشكور فى محاول الوفاق بين الاحزاب اللبنانية، او بين الموالاة والمعارضة، وهذا من اجل مصلحة لبنان الذى تدهورت اوضاعة السياسة كثيرا، سواءا على الساحة الداخلية او الخارجية. لم يستطيع العرب بان يفعلوا شيئا للبنان، سواءا من خلال المساعى التى تقوم بها الجامعة العربية او بعضا الدول العربية، او حتى مؤتمر القمة. هذا قد يكون الملجأ الاخير من اجل عودة الهدوء والاستقرار إلى لبنان. لاشك بان كلا من سوريا وايران لهما دورا كبيرا فى السياسة اللبنانية الداخلية.
أن الاصلاحات التى قام بها حزب العدالة والتنمية فى تركيا كثيرة، وتستحق الاعجاب والتقدير. إن الرئيس رجب اردوغان قام بجهود عظيمة من اجل تركيا، ويسير بها نحو المستقبل الافضل والمشرق وقام بالكثير من تلك الانجازات التى قد تحققت فى عهده. لاشك بان الشعب التركى يقدر تلك الجهود ويريده بان يستمر فيها، وان يواصل برنامجة الانتخابى من اجل الارتقاء بتركيا، وان تصبح فى مصاف الدول المتقدمة. هناك احتمال كبير بفوز حزب العدالة والتنمية فى هذه الانتخابات التى تجرى فى تركيا الان.
الكل يأمل خير من هذا المؤتمر، وعلى ان تكون نتائجه ايجابية فى صالح الصومال، وان يعود إلى الصومال هدوءه واستقراره، والذى من شأنه بان يخفف المعاناة لهذا الشعب الفقير باقتصاده الغنى بخيرات بلاده.
إن أفريقيا قارة عظيمة فى خيراتها وحضارتها وتاريخ كفاحها، وإن الهند بالفعل ايضا دولة عظمية فى خيراتها وحضارتها وكفاحها، ولكن للأسف الشديد كلاهما شديدى الفقر الجهل وهناك الكثير والكثير من الاصلاحات لابد منها، حتى يلحقوا بالركب الحضارى الحديث. إن من يسافر إلى هذه البلاد هو معرض للخطر من كل ما بها من مساوئ، ولكنه قد يعجب بالكثير من تلك الاثار السياحية والمشاهد للغابات والادغال والحيوانات والطبيعة. ويتعجب لماذا وهب الله لهذه البلاد كل هذا الخير ولم يستطيع اهلها ان يكونوا افضل من الكثير من الدول المتقدمة التى تفتقر إلى الكثير من هذه المقومات المتواجدة هنا.
لا نستبعد أي شئ تقوم به أية جهة داخلية او خارجية فى السودان من احداث القلاقل التى تؤدى إلى المزيد من تلك التوترات السياسية، ولاتى تحاول جاهدة الحكومة السودانية احتوائها والسيطرة عليها. إنها محاصرة من الخارج والداخل، من المجتمع الدولى والمجتمع الاقليمى والمجتمع المحلى. إنها فى حاجة إلى مساعدة ومساندة من الدول العربية والدول الصديقة التى تخرج بها من محنتها إلى بر الامان. 

==
نقاط مضيئة 

البداية
إننا فى عالم أصبح معقد، ولابد من التعرف على ما يحدث حولنا، ولم نعد بعيدين أو منفردين أو منعزلين، وإنما أصبحنا نشارك بعضنا البعض، والقيام بالمشاركات اللازمة، والتى تساعد على تحقيق كل ما يمكن من شأنه بأن يؤدى الدور اللازم فى ما نسعى من أجله، وأن نكون على المستوى الحضاري اللائق. هذه هى البداية، ولكن هناك الكثير والكثير مما يجب علينا عمله والقيام به. ومشوار الألف ميل يبدأ بالخطوة الأولى.

أفضل وأرقى الكائنات
إن الإنسان ليس حيوانا يأكل فقط ولا يشعر بأنه يعيش حرا، له كرامته وحقوقه المشروعة التي يناضل من أجل الحصول عليها. إننا نرفض الأكل والشرب حتى يدرك العدو أو الظالم أو المحتل بأننا من فصيلة البشر، لدينا عقول تميز بين الصحيح والخطأ. إنه شعور إنساني يحدث في كل دول العالم، هذا الرفض الصامت الذي له دلالته الخطير يدل على أن الإنسان خلق لكي يعيش حرا. كيف لأي جهة كانت أن تستعبد الناس وقد خلقهم الله أحرارا؟ إن الأمعاء الخاوية إن دلت على شيء فإنما تدل على أننا نستطيع بأن نصبر على الجوع والعطش ولكننا لا نستطيع أن نصبر على الذل والمهانة مع المحتل والمتعدي على الحرمات. 

عالم تغير
بعد أحداث سبتمبر، والتى تعتبر ضربة قاصمة فى العمق الأمريكى، فإنها لها إيجابيتها فى السياسة ألأمريكية بحيث أنها أصبح لها الحق فى القيام بالعمليات العسكرية فى كل أنحاء الكرة الأرضية، بدون الرجوع إلى أحد أو حتى الأمم المتحدة. 

الاصلاح ضرورة للشعوب
هل من الممكن بأن نصبح فى ذلك الوضع الحضارى المتقدم؟ ولا يكون هناك تلك الأنتقادات (أولا من أنفسنا) ، ومن الدول الغربية التى أصبحت ترى مساوئنا التى نحاول بأن نخفيها، ولكن المستور ظهر، ويبدو بأن ليس أمامنا إلا القيام بالأصلاحات المطلوبة. فإن الشئ الصحيح والسليم فى المسيرة والنهضة الحضارية التى نريدها لشعوبنا. وليس الكلام وترييف الحقائق، ونجد بأننا فى وضع مأساوى، ونضحك على أنفسنا ونحاول بأن نوهم الأخرين بأننا فى أحسن ما يكون، والأوضاع تمام التمام. لابد من العمل الجاد والله الموفق،

نظام وفوضى
العالم أصبح ملئ بالفوضى السياسية. الأحداث المتلاحقة فى كل بلدان العالم من كوارث وأزمات، والهروب..إلى لا مكان.. وإنما أصبح الكل يهاجم وعادى الكل...هذه هى الحاضرة المعاصرة..

ألتزام وحرية
ما أجمل الحرية، فى الرأى والفكر وكل شئ، ولكن لابد من ضوابط، ومعرفة ما هى الحرية. لا للفساد لا للتفسخ الأخلاقى لا للتعدى على حقوق الأخرين.

فضائيات
كل ما هو مفيد ونافع، يجدب أن يعرض، وما هو خلاف ذلك فيجب أن ينظر فيه. لماذا لا يكون هناك أستفتاءات يمكن من خلالها التعرف على مدى أهتمامات المشاهدين. ولابد من أن يكون هناك رعاية من الجهات المسئولة، للتوجيه الصحيح لما يجب بأن يعرض. نريد مجتمعات صالحة فعالة نافعة.

نشر في : 08:41 |  من طرف Unknown

samedi 7 juin 2014

إختلت موازينك يا وطني

إختلت موازينك يا وطني حتي صارت سماءك تمطر عهرا...

إختلت موازينك يا وطني

نشر في : 13:51 |  من طرف Unknown

mercredi 5 mars 2014

قضت محكمة في العاصمة المصرية بحظر أنشطة حركة المقاومة الإسلامية حماس، داخل مصر بصفة مؤقتة، في انتظار الفصل في الدعوي الجنائية المنظورة أمام جنايات القاهرة، باتهامها بالتخابر واقتحام السجون.
ونص منطوق حكم المحكمة على انطباق الحظر على ما ينبثق عن الحركة من جمعيات أو جماعات أو منظمات أو مؤسسات تتفرع منها أو منشأة بأموالها أو تتلقى دعما ماليا منها أو أي من أنواع الدعم.
الدعوى كان قد أقامها المحامي سمير صبري ضد كل من الرئيس المؤقت عدلي منصور ومحمد إبراهيم وزير الداخلية، ورئيس الوزراء، يطالبهم بالحكم وبصفة مستعجلة باعتبار حركه حماس الفلسطينية منظمة "إرهابية".
وأعلنت الحركة اليوم الثلاثاء عن رفضها لقرار المحكمة المصرية، ووصفته بأنه يتساوق مع مواقف "إسرائيل" ضد المقاومة الفلسطينية، حيث إن سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة حماس صرح أن حركته لا تكترث بقرار المحكمة المصرية، لأنها لا تمارس أي أنشطة في الأراضي المصرية، موضحاً أنه لن يكون هناك انعكاسات سلبية لهذا القرار، الذي اعتبره إساءة لمصر، على حماس.
وجدير بالذكر أن العلاقات بين السلطات في مصر وحركة حماس توترت بعد انقلاب قيادة الجيش المصري على الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013. واتهمت السلطات المصرية الحركة بالضلوع في أعمال عنف شهدتها البلاد خلال الأشهر الماضية. غير أن حماس دأبت على نفي هذه الاتهامات.

حظر أنشطة حركة المقاومة الإسلامية حماس بمصر

قضت محكمة في العاصمة المصرية بحظر أنشطة حركة المقاومة الإسلامية حماس، داخل مصر بصفة مؤقتة، في انتظار الفصل في الدعوي الجنائية المنظورة أمام جنايات القاهرة، باتهامها بالتخابر واقتحام السجون.
ونص منطوق حكم المحكمة على انطباق الحظر على ما ينبثق عن الحركة من جمعيات أو جماعات أو منظمات أو مؤسسات تتفرع منها أو منشأة بأموالها أو تتلقى دعما ماليا منها أو أي من أنواع الدعم.
الدعوى كان قد أقامها المحامي سمير صبري ضد كل من الرئيس المؤقت عدلي منصور ومحمد إبراهيم وزير الداخلية، ورئيس الوزراء، يطالبهم بالحكم وبصفة مستعجلة باعتبار حركه حماس الفلسطينية منظمة "إرهابية".
وأعلنت الحركة اليوم الثلاثاء عن رفضها لقرار المحكمة المصرية، ووصفته بأنه يتساوق مع مواقف "إسرائيل" ضد المقاومة الفلسطينية، حيث إن سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة حماس صرح أن حركته لا تكترث بقرار المحكمة المصرية، لأنها لا تمارس أي أنشطة في الأراضي المصرية، موضحاً أنه لن يكون هناك انعكاسات سلبية لهذا القرار، الذي اعتبره إساءة لمصر، على حماس.
وجدير بالذكر أن العلاقات بين السلطات في مصر وحركة حماس توترت بعد انقلاب قيادة الجيش المصري على الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013. واتهمت السلطات المصرية الحركة بالضلوع في أعمال عنف شهدتها البلاد خلال الأشهر الماضية. غير أن حماس دأبت على نفي هذه الاتهامات.

نشر في : 07:21 |  من طرف Unknown

vendredi 28 février 2014



مجموعة من العلماء و ضعوا 5 قرود في قفص واحد و في وسط القفص يوجد سلم و في أعلى السلم هناك بعض الموز
في كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد
بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يطلع لأخذ الموز, يقوم الباقين بمنعه
و ضربه حتى لا يرشون بالماء البارد

بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب
بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة و يضعوا مكانه قرد جديد

فأول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز
ولكن فورا الأربعة الباقين يضربونه و يجبرونه على النزول..
بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب
قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد
و حل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملائه بالضرب و هو لا يدري لماذا يضرب
و هكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة
حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا
و مع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب
لو فرضنا .. و سألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟
أكيد سيكون الجواب : لا ندري ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا هكذا
عملياً هذا ما نطبقه نحن في أعمالنا وحياتنا اليومية
نبقى في الروتين خوفاً من التغيير !

كيف تصنع شعبا من الاغبياء ؟؟؟



مجموعة من العلماء و ضعوا 5 قرود في قفص واحد و في وسط القفص يوجد سلم و في أعلى السلم هناك بعض الموز
في كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد
بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يطلع لأخذ الموز, يقوم الباقين بمنعه
و ضربه حتى لا يرشون بالماء البارد

بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب
بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة و يضعوا مكانه قرد جديد

فأول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز
ولكن فورا الأربعة الباقين يضربونه و يجبرونه على النزول..
بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب
قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد
و حل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملائه بالضرب و هو لا يدري لماذا يضرب
و هكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة
حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا
و مع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب
لو فرضنا .. و سألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟
أكيد سيكون الجواب : لا ندري ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا هكذا
عملياً هذا ما نطبقه نحن في أعمالنا وحياتنا اليومية
نبقى في الروتين خوفاً من التغيير !

نشر في : 11:11 |  من طرف Unknown

dimanche 23 février 2014


1- تحريم الظلم.
2- سوء عاقبة الظالمين.
3- براءة الإسلام من الإرهاب.
4- وجوب التحلل من مظالم العباد.
5- من صور الظلم.
6- أمر الولاة بالعدل بين الناس.
7- وجوب العدل بين الأولاد.
8- فضل العفو والصبر.
9- وجوب نصرة المظلوم.
10- التحذير من الشرك في الدعاء.
11- عدم مشروعية تخصيص رجب بعبادة ما.

أمّا بَعد: فيَا أيُّها المسلِمون، أوصيكُم ونَفسِي بتقوَى الله جلَّ وعَلا، ففيهَا السعادةُ والهنَا.
معاشِرَ المسلِمين، مِن نورِ الوَحيَين فَلنَستَلهِم ما يُسعِدُ حَياتَنا ويُضيء لنا طَريقَنا.
ثبَتَ في صَحيح مسلمٍ عنِ النبيِّ فيما يَروِيه عن ربِّه جلَّ وعلا في الحديث القدسيِّ أنَّ الله جلَّ وعلا يقول: ((يا عِبادي، إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسِي، وجعلتُه بينَكم محرَّمًا فلا تَظَالموا)).
حديثٌ جَليل يتَوَجّه إلى البشَريّة حين يجورُ بها الطّريق، ويحذِّر الأفرادَ حين يُغرِيها الجشَعُ والطمَعُ العميق. تَوجيهٌ ربَّاني يحذِّر فيه الربّ جلَّ وعلا خلقَه من أن يتَهَارَشوا ويتغَالبوا ويأكلَ قويُّهم ضعيفَهم ويعتَدي كبيرُهم على صغيرهم. توجيهُ إِلَهيٌّ ينبِّه العقلَ أن يزلَّ به الهوَى فيَقَع في الظلم على الضّعَفَاء. وصيةٌ من البارِي جلّ وعلا يسوقها رسولُه المجتبَى ليتحاشَى الخلقُ كلُّهم الظلمَ والعدوانَ والطّغيان، ويتجنَّبوا ظلمَ العباد والتعدِّي على حقوقهم والتَّجنّي على مقدَّراتهم والاعتداء على أنفسِهم وأموالهم وأعراضِهم.
الظلمُ عاقِبَتُه وخيمَةٌ وآثارُه شَنِيعة، يقول شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله: “عاقبة الظلم وخيمَةٌ، وعاقبة العدلِ كريمة”، ويقول ابنُ القيّم رحمه الله: “أصلُ كلِّ خيرٍ هو العلم والعَدل، وأصلُ كلِّ شرٍّ هو الجهل والظلم”.
أيّها المسلمون، لا فلاحَ مع الظلمِ، ولا بقاءَ للظالم، ولا استقرارَ للمعتَدِي مهمَا طالَ الزمان ومهما بلَغ به الشأن، يقولُ ربنا جلّ وعَلا: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21]، ويَقول عزّ شأنُه: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:45]، ويَقول عزَّ في عُلاه: هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:47]؛ ولِذلك فلاَ بقاءَ لقِوَى الظلم والطغيان، ولا سُلطانَ لها يَدوم على مدَى الأزمان، فخالِقُ الأرض والسمَاء يقول سبحانَه: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ [الحج:45]. أخرج البخاريّ أنَّ النبيَّ قال: ((إنَّ الله ليملِي للظالم حتى إذا أخَذَه لم يُفلِته))، ثم قرأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].
أيّتُها البشَريّة في كلِّ مكانٍ، مِن مُنطلَق الحقِّ نَدعُو ومِن مَبَادِئ العدلِ والإنصافِ ننادي: إلى مَتى يَعيش العالَم تحتَ ظلمِ القوِيِّ وبَغيِ المعتَدِي؟! فاسمَعي إلى قولِ الخالق عمّا يقوله في حقّ الظالم فرعون: وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [القصص:39، 40]، ويقول سبحانَه عن شأنِ الظالمِين: وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ [سبأ:19].
إنَّ مِن الظلمِ العَظيم الذي لاَ يقِرُّه دِينٌ ولا يَرتَضيه عَقلٌ سَليمٌ ولاَ واقِعٌ تأريخيّ أن تُعكَسَ المفاهِيم، فيُتَّهَم الإسلامُ بالإرهابِ والفاشِيّة وهو الدينُ الذي قامَت أصولُه وقواعِدُه على مَبادئ السّلام والعدالة والإنصافِ وحِفظ العُهود واحتِرامِ المواثيق؛ حتى صَارَت مِن توجِيهاتِه إبّانَ الحَربِ أن لاَ تُقتَلَ امرأةٌ ولا طِفل ولا شيخٌ ولا راهِب في صومَعَتِه ولا يحَرَّق شَجَر مُثمِر ولا يمثَّل بجثّة ولاَ يُهان أسيرٌ ولا يُخفَر بذِمّة، بينما غيرُ المسلمين يعتَدون ويَصبُّونَ قَنابِلَهم على النّساء الضعيفاتِ والأطفال الأبرياء والشّيوخ الضّعفاء، يحرِّقون ويُدمّرون، فالتّدمير هَدفُهم، وإفسادُ حياةِ الناس مقصدُهم، حتى لم يسلَم من فسادِهم جمادٌ ولا حيوان، فمَن هو ـ يا تُرى ـ الإرهابيُّ حينئذ؟!
معاشرَ المؤمنين، مظالِمُ العباد لا بدَّ من التحلّل منها والتخلّص من عواقبِها، فرسولُنا يقول: ((إذا خَلَصَ المؤمِنون منَ النّار حُبِسوا بقنطرةٍ بين الجنّة والنّار، فيتقاصّون مظالِمَ كانت بَينهم، حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبوا أُذِن لهم بِدخولِ الجنّة)) الحديث أخرجَه البخاريّ، وأَخرَج أيضًا عنِ النّبيِّ أنّه قالَ: ((مَن كانَت له مَظلَمةٌ لأخيهِ مِن عِرضِه أو شَيءٍ فليتحلّله منه اليومَ قبل أن لا يكونَ دِرهمٌ ولا دِينار، إن كان له عَمَلٌ صالح أُخِذ منه بقدرِ مظلمته، وإن لم تَكن له حسنات أخِذَ من سيّئات صاحبه فحُمِل عليه)).
معاشِرَ المسلمين، من أعظمِ الظلم وأقبَحِ المعاصي التطاوُلُ على أموالِ اليتامى والاعتداءُ على حقوقِهم، إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10].
عبادَ الله، مِن الظلمِ العظيمِ الاعتداءُ على أَراضِي الآخَرين في غَيبَتِهم والاستيلاءُ عليهَا في حَضرَتهم، ورسولُنا يقول: ((مَن اقتَطَع أَرضًا ظلمًا لقِيَ الله وهو عليه غَضبان)) رواه مسلم.
كما أنَّ من الظلم ارتكابَ الحِيَل وركوبَ أسبابِ المكر والخِداع بالاعتداءِ على أراضي المسلمين وتَغييرِ مَنار الأرض التي مَنافعُها للنّاسِ أَجمعين، عَن هشامِ بنِ عُروة عن أبيهِ أنَّ أروى بنتَ أويس ادّعَت على سعيد بن زيد أنّه أخَذَ شيئا من أرضِها، فخاصَمَته إلى مروان بنِ الحكم، فقال سَعيد: أنا آخُذ شيئًا من أرضِها بعد الذي سمعتُه من رسول الله ؟! قال: وما سمعتَ من رسولِ الله ؟ قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: ((مَن أخَذَ شبرًا من الأرض ظلمًا طُوِّقه إلى سبعِ أراضين))، فقال له مَروان: لا أسألُك بيِّنةً بعد هذا، فقال: اللّهمّ إن كانَت كاذِبةً فعَمِّ بَصَرَها واقتُلها في أرضِها، فما ماتَت حتى ذهَبَ بصرُها، ثم بَينَا هِي تمشي في أرضِها إذ وقعَت في حفرةٍ فماتت. متّفق عليه. وفي حديثِ عليٍّ رضي الله عنه أنّه قال: لعَنَ رسول الله من غيّر مَنارَ الأرض. أخرجه الحاكِمُ وحسَّن إسنادَه الذهبيّ.
ومِثلُ العدوانِ عَلَى حقوقِ الناسِ في الأرضِ العدوانُ على المالِ العامّ المالِ الحُكوميّ في الأرَاضي وغيرِها، بل ربما كان العدوانُ على المالِ العامّ أشدَّ حُرمَةً وأبشَعَ أثَرًا؛ لأنّ الضَّرَرَ فيه يُصيبُ الأمّةَ بمَجموعها، وفي البخاريّ: ((مَن أخَذَ مِن الأرضِ شَيئًا بغير حقٍّ خُسِف بِه يومَ القيامَةِ إلى سَبعِ أَراضِين))، وفي الحديثِ أيضًا: ((مَن أخَذَ مِن طَريقِ المسلِمين شِبرًا جاء يومَ القيامة يحمِله من سبع أراضين)).
أخِي المسلم، اتّقِ الله فيما عليك من حقوقِ المسلمين، وأدِّ مَا وجب عليك من الواجِباتِ والدّيون، فرسولُنا يقول: ((مَطلُ الغَنيِّ ظلمٌ)) متّفق عليه، وفي الحديثِ: ((ثلاثةٌ يبغِضُهُم الله: الشّيخُ الزاني، والفَقير المختال، والغَنيّ الظلوم)) حديث صحيح.
إِخوةَ الإسلام، كلُّ مَن تَولّى للمسلِمينَ وِلايةً فهو سُلطانٌ على هَذه الوِلاية، يجِب عليه تقوَى الله والعدلُ بين المسلمين والحذَرُ من ظلمِ الخَلق أجمعين، قال : ((ثَلاثٌ أخافُ عَلَى أمّتي: الاستسقاء بالأنواءِ، وحَيف السلطان، وتكذيبٌ بالقدر)) رواه أحمد وَهوَ صَحيح، ويقول : ((إنّ أحبَّ النّاس إلى الله يومَ القيامة وأَدناهم منه مجلِسًا إمامٌ عادل، وأبغَض النّاس إلى الله وأبعَدهم منه مجلِسًا إمامٌ جائرٌ)) رواه الترمذي وقال: “حسن غريب”. والوَيلُ ثمّ الوَيل للقَاضِي إذا ظلَم والحاكمِ إذا جَار عنِ العدل، قال : ((القضاةُ ثلاثة، وَاحدٌ في الجنّة واثنانِ في النّار، فأمّا الذي في الجنّة فرجلٌ عرَف الحقَّ فقضى بِه، ورَجلٌ عرفَ الحقَّ فجار في الحكمِ فهو في النّار، ورجلٌ قضى للنّاس على جهلٍ فهو في النار)) رواه أبو داود وابن ماجَه وسنده صحيح.
يا أهلَ الولاياتِ والمناصبِ، يا أهلَ الوظائف والمراتِب، اتّقوا الله جلّ وعلا فيما وُلِّيتم عليه من أمور المسلمِين، فتفضيلُ بعض الناس على أمثالهم في الوظائف ظلمٌ جسيم، وتقديمُ مَن ليس أهلا على مَن هو أهلٌ جَورٌ عظيم، وقَصدُ المضرّة بالآخرين في دُنياهم ظلمٌ مبين، قال : ((صِنفان من أمّتي لا تنالهما شفاعتي: سُلطان غشوم ظَالم، وغَالٍ في الدين)) الحديث روَاه ابن أبي عاصِم في السنّة بِسندٍ صحيح وذكَرَه المنذِري وقال: “رواه الطّبراني في الكبيرِ ورِجاله ثقات”. وفي حديثِ أبي هريرة قال: قالَ رسولُ الله : ((مَا مِن أميرِ عَشَرةٍ إلا يؤتى به يومَ القيامة مغلولا، لا يفكُّه إلاّ العدل أو يوبقه الجور)) رواه أحمد وسنده صحيح.
واحذَروا ـ يا مَن جعَل الله حَاجاتِ الخلقِ عِندهم ـ أن تَضطرّوهم لما لا يُحمَد شرعًا ولا يُرتَضَى طبعًا، فتبوؤوا بالإثم والغضب من الربّ جلّ وعلا، قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم منَعوا الحقَّ حتى اشتُرِي، وبَسَطوا الجورَ حتى افتُدِي).
إخوةَ الإسلامِ، ومِن الظّلمِ الواضِحِ الذي يَقَع فيه بَعضُ الناسِ ظلمُ الأجَرَاء والمستَخدَمين من عمّالٍ ونحوِهم ببخسِهِم حقوقَهم أو تأخيرها عن أوقاتها أو إِهانَتِهم بقولٍ أو فعل، في صحيحِ البخاريّ أنَّ النبي قال: ((ثلاثةٌ أنا خَصمُهُم يَومَ القيامة))، وذكر مِنهم: ((ورجلٌ استأجَرَ أجيرًا فاستَوفى مِنه ولم يعطِهِ أجرَه))، وفي الحديث أيضا أنَّ رسولَ الله قال: ((إنَّ الله يعَذِّب الذين يعذِّبون الناسَ في الدّنيا)) رواه مسلم.
أيّها الآباء، ومِن الظلمِ الذي يقَعُ فيه بعضُ النّاس بِسَبَب العَاطِفَة المذمُومَةِ تَفضيلُ بعضِ الأولاد على بعضٍ في العطيّة. فضّل بشير ابنَه النعمان بهديّةٍ من بين أولاده وأرادَ أن يُشهِد رسولَ الله ، فقالَ لَه سيِّدُنا رَسولُ الله : ((يا بَشير، أَلَك ولدٌ سِوى هذا؟)) قال: نعَم، فقال: ((أكلَّهم وَهبتَ له مِثلَ هذا؟)) قال: لاَ، قال: ((فَلا تُشهِدني إذًا؛ فإني لا أشهَد على جَور)) متفق عليه، وفي الحديثِ الآخر: ((اتَّقوا اللهَ واعدِلوا بينَ أولادِكم)).
إخوةَ الإسلام، ومِن الظلم العظيمِ مؤاخذةُ غيرِ الجاني والاقتِصاصِ من غير [الباغي]، يقول سبحانَه في قصَّة العَزيز: قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ [يوسف:79].
مَعَاشِرَ المسلِمين، العفوُ عنِ المظلَمَة فيه أجرٌ عظيم وثوابٌ جزيل، فربّنا جل وعلا يقول: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]. ولَئِن كان العفوُ بهذه المثابَةِ فالصَّبر على الظلم واحتساب الأجرِ فيه من الله أعظمُ أجرًا وثوابًا، وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [الشورى:43].
بارك الله لنا في الوَحيَين، وَنفَعَنا بما فيهِما مِن الهَديِ والبيانِ، أقول هذا القَولَ، وأستَغفِرُ الله لي وَلَكم ولسائِرِ المسلمين مِن كلّ ذَنبٍ، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله علَى تَوفِيقه وامتِنانِه، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله وَحدَه لاَ شَريكَ لَه تعظيمًا لِشأنِه، وأشهَد أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُه ورَسولُه الداعِي إلى رِضوانِه، اللّهمَّ صَلِّ وسلِّم وبارك عليه وعَلى آله وأصحابه وإخوانه.
أمّا بعد: فيا أيّها المسلِمون، أوصِيكم ونفسِي بِتقوى الله جلّ وعلا؛ ففيها الفَلاح في الدّنيا وفي الأخرى.
أيّها المسلمون، وإنَّ مِن الواجِبِ الشَّرعيّ نُصرةَ المظلومِ ورَدعَ الظالمِ والأخذَ على يَدَيه بالنّصيحةِ تَارَةً وبِرفعِ أمرِه لوَليّ الأمر أو نَائِبه الشرعيّ تارة، قال : ((انصُر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، قالوا: يا رسولَ الله، هذا ننصُرُه مظلومًا، فكيفَ ننصُره ظالمًا؟! قالَ: ((تأخُذُ فوقَ يَدِه)) متّفَق عليه. وفي حديثِ البراءِ: أمَرَنا رسول الله بسبعٍ، وذكر منها: ((ونَصر المظلوم)).
أيّها المسلِمون، إنَّ مِنِ انعِكاسِ المفاهيمِ وقَلبِ الحقائِق والتّمويه على العقولِ تسميةَ مقاومة الاحتلال والعدوان والدّفاع عن الأموال والأعراض إِرهابًا وإجرامًا، بَينَما الاحتلالُ والاعتِداء والقَهر والظلم عند أولئك [مشروعٌ ومحمود]، والله جلّ وعلا يقول: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39]، ويقول: وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [الشورى:41، 42].
أيّها الإنسانُ، إذا دَعَتك قدرتُك على ظلمِ الناس فتذَكّر قدرةَ الله جلّ وعلا عليك، واخشَ من دعوةِ المظلوم فإنّه ليسَ بَينها وبين الله حِجاب، يقولُ رسولُنا لمُعاذٍ وقَد أرسَلَه إلى اليَمَن: ((واتَّق دعوةَ المظلومِ، فإنه ليس بينها وبين الله حِجاب))، وفي الحديث: ((ثلاثةٌ لا تردّ دعوتهم))، وذكَر منهم: ((ودَعوة المظلوم، يرفعها الله فوقَ الغَمامِ، ويَفتَح لها أَبوابَ السّماء، ويَقولُ الرّبّ جلّ وعلا: وعِزّتي، لأنصُرَنّك ولو بعدَ حين)).
أيّها المسلم، إذَا خَرجتَ من بيتِك فاستَعِن بالله، واحرِص على التضرّع إلى اللهِ أن يعصِمَك من الزلَلِ وأَن يجنّبَك الظلمَ كما ثبَت ذلك في الحديثِ عنِ النبيِّ .
أيّها المسلِمون، مَسألتان عَظيمَتانِ مُهِمّتان نذَكّر أنفسَنا وإخوانَنا بها:
أوّلها: أنَّ الدعاءَ إنما يُصرف ويُطلَب مِنَ اللهِ جلّ وعلا، فمَن أراد زيارةَ قبرِ النبيِّ فلا يجوز له أن يتوجّهَ إلى القبرِ فيدعو الله، أمّا إذا دعَا النبيَّ من دونِ الله في كشفِ ضرٍّ أو جَلبِ نَفعٍ فذلك من الشركِ العظيم الذي جاءَ النبيُّ لمحارَبَتِه، وجاءَ لإقامَةِ لِواءِ التّوحيد إلى أن يرثَ الله الأرضُ ومَن عليها.
المسألةُ الثانية: أنّ شَهرَ رَجب شهرٌ عَظيم، ولَكن لم يثبُت عنِ النبيّ أنّه أمَر بتخصِيصِه بعبادةٍ ما، وقد نبّهَ على ذلك أساطِينُ العِلم ومحقِّقي العلَماء في المذاهِب كلِّها.
فلنتَّبِع هديَ النبيِّ ، ولنَكُن مخلِصينَ للهِ جلَّ وعَلا موَحِّدين له في السّراء والضّرّاء.
ثم إنَّ مِن أفضل الأعمال وأزكاهَا عند خالِقِنا جلّ وعلا الصلاةَ والسّلام على سيّدنا وحبيبِنا ونبيِّنا وقُرّة عيونِنا محمّد .
اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين…

الظلم والظالمين


1- تحريم الظلم.
2- سوء عاقبة الظالمين.
3- براءة الإسلام من الإرهاب.
4- وجوب التحلل من مظالم العباد.
5- من صور الظلم.
6- أمر الولاة بالعدل بين الناس.
7- وجوب العدل بين الأولاد.
8- فضل العفو والصبر.
9- وجوب نصرة المظلوم.
10- التحذير من الشرك في الدعاء.
11- عدم مشروعية تخصيص رجب بعبادة ما.

أمّا بَعد: فيَا أيُّها المسلِمون، أوصيكُم ونَفسِي بتقوَى الله جلَّ وعَلا، ففيهَا السعادةُ والهنَا.
معاشِرَ المسلِمين، مِن نورِ الوَحيَين فَلنَستَلهِم ما يُسعِدُ حَياتَنا ويُضيء لنا طَريقَنا.
ثبَتَ في صَحيح مسلمٍ عنِ النبيِّ فيما يَروِيه عن ربِّه جلَّ وعلا في الحديث القدسيِّ أنَّ الله جلَّ وعلا يقول: ((يا عِبادي، إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسِي، وجعلتُه بينَكم محرَّمًا فلا تَظَالموا)).
حديثٌ جَليل يتَوَجّه إلى البشَريّة حين يجورُ بها الطّريق، ويحذِّر الأفرادَ حين يُغرِيها الجشَعُ والطمَعُ العميق. تَوجيهٌ ربَّاني يحذِّر فيه الربّ جلَّ وعلا خلقَه من أن يتَهَارَشوا ويتغَالبوا ويأكلَ قويُّهم ضعيفَهم ويعتَدي كبيرُهم على صغيرهم. توجيهُ إِلَهيٌّ ينبِّه العقلَ أن يزلَّ به الهوَى فيَقَع في الظلم على الضّعَفَاء. وصيةٌ من البارِي جلّ وعلا يسوقها رسولُه المجتبَى ليتحاشَى الخلقُ كلُّهم الظلمَ والعدوانَ والطّغيان، ويتجنَّبوا ظلمَ العباد والتعدِّي على حقوقهم والتَّجنّي على مقدَّراتهم والاعتداء على أنفسِهم وأموالهم وأعراضِهم.
الظلمُ عاقِبَتُه وخيمَةٌ وآثارُه شَنِيعة، يقول شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله: “عاقبة الظلم وخيمَةٌ، وعاقبة العدلِ كريمة”، ويقول ابنُ القيّم رحمه الله: “أصلُ كلِّ خيرٍ هو العلم والعَدل، وأصلُ كلِّ شرٍّ هو الجهل والظلم”.
أيّها المسلمون، لا فلاحَ مع الظلمِ، ولا بقاءَ للظالم، ولا استقرارَ للمعتَدِي مهمَا طالَ الزمان ومهما بلَغ به الشأن، يقولُ ربنا جلّ وعَلا: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21]، ويَقول عزّ شأنُه: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:45]، ويَقول عزَّ في عُلاه: هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:47]؛ ولِذلك فلاَ بقاءَ لقِوَى الظلم والطغيان، ولا سُلطانَ لها يَدوم على مدَى الأزمان، فخالِقُ الأرض والسمَاء يقول سبحانَه: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ [الحج:45]. أخرج البخاريّ أنَّ النبيَّ قال: ((إنَّ الله ليملِي للظالم حتى إذا أخَذَه لم يُفلِته))، ثم قرأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].
أيّتُها البشَريّة في كلِّ مكانٍ، مِن مُنطلَق الحقِّ نَدعُو ومِن مَبَادِئ العدلِ والإنصافِ ننادي: إلى مَتى يَعيش العالَم تحتَ ظلمِ القوِيِّ وبَغيِ المعتَدِي؟! فاسمَعي إلى قولِ الخالق عمّا يقوله في حقّ الظالم فرعون: وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [القصص:39، 40]، ويقول سبحانَه عن شأنِ الظالمِين: وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ [سبأ:19].
إنَّ مِن الظلمِ العَظيم الذي لاَ يقِرُّه دِينٌ ولا يَرتَضيه عَقلٌ سَليمٌ ولاَ واقِعٌ تأريخيّ أن تُعكَسَ المفاهِيم، فيُتَّهَم الإسلامُ بالإرهابِ والفاشِيّة وهو الدينُ الذي قامَت أصولُه وقواعِدُه على مَبادئ السّلام والعدالة والإنصافِ وحِفظ العُهود واحتِرامِ المواثيق؛ حتى صَارَت مِن توجِيهاتِه إبّانَ الحَربِ أن لاَ تُقتَلَ امرأةٌ ولا طِفل ولا شيخٌ ولا راهِب في صومَعَتِه ولا يحَرَّق شَجَر مُثمِر ولا يمثَّل بجثّة ولاَ يُهان أسيرٌ ولا يُخفَر بذِمّة، بينما غيرُ المسلمين يعتَدون ويَصبُّونَ قَنابِلَهم على النّساء الضعيفاتِ والأطفال الأبرياء والشّيوخ الضّعفاء، يحرِّقون ويُدمّرون، فالتّدمير هَدفُهم، وإفسادُ حياةِ الناس مقصدُهم، حتى لم يسلَم من فسادِهم جمادٌ ولا حيوان، فمَن هو ـ يا تُرى ـ الإرهابيُّ حينئذ؟!
معاشرَ المؤمنين، مظالِمُ العباد لا بدَّ من التحلّل منها والتخلّص من عواقبِها، فرسولُنا يقول: ((إذا خَلَصَ المؤمِنون منَ النّار حُبِسوا بقنطرةٍ بين الجنّة والنّار، فيتقاصّون مظالِمَ كانت بَينهم، حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبوا أُذِن لهم بِدخولِ الجنّة)) الحديث أخرجَه البخاريّ، وأَخرَج أيضًا عنِ النّبيِّ أنّه قالَ: ((مَن كانَت له مَظلَمةٌ لأخيهِ مِن عِرضِه أو شَيءٍ فليتحلّله منه اليومَ قبل أن لا يكونَ دِرهمٌ ولا دِينار، إن كان له عَمَلٌ صالح أُخِذ منه بقدرِ مظلمته، وإن لم تَكن له حسنات أخِذَ من سيّئات صاحبه فحُمِل عليه)).
معاشِرَ المسلمين، من أعظمِ الظلم وأقبَحِ المعاصي التطاوُلُ على أموالِ اليتامى والاعتداءُ على حقوقِهم، إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10].
عبادَ الله، مِن الظلمِ العظيمِ الاعتداءُ على أَراضِي الآخَرين في غَيبَتِهم والاستيلاءُ عليهَا في حَضرَتهم، ورسولُنا يقول: ((مَن اقتَطَع أَرضًا ظلمًا لقِيَ الله وهو عليه غَضبان)) رواه مسلم.
كما أنَّ من الظلم ارتكابَ الحِيَل وركوبَ أسبابِ المكر والخِداع بالاعتداءِ على أراضي المسلمين وتَغييرِ مَنار الأرض التي مَنافعُها للنّاسِ أَجمعين، عَن هشامِ بنِ عُروة عن أبيهِ أنَّ أروى بنتَ أويس ادّعَت على سعيد بن زيد أنّه أخَذَ شيئا من أرضِها، فخاصَمَته إلى مروان بنِ الحكم، فقال سَعيد: أنا آخُذ شيئًا من أرضِها بعد الذي سمعتُه من رسول الله ؟! قال: وما سمعتَ من رسولِ الله ؟ قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: ((مَن أخَذَ شبرًا من الأرض ظلمًا طُوِّقه إلى سبعِ أراضين))، فقال له مَروان: لا أسألُك بيِّنةً بعد هذا، فقال: اللّهمّ إن كانَت كاذِبةً فعَمِّ بَصَرَها واقتُلها في أرضِها، فما ماتَت حتى ذهَبَ بصرُها، ثم بَينَا هِي تمشي في أرضِها إذ وقعَت في حفرةٍ فماتت. متّفق عليه. وفي حديثِ عليٍّ رضي الله عنه أنّه قال: لعَنَ رسول الله من غيّر مَنارَ الأرض. أخرجه الحاكِمُ وحسَّن إسنادَه الذهبيّ.
ومِثلُ العدوانِ عَلَى حقوقِ الناسِ في الأرضِ العدوانُ على المالِ العامّ المالِ الحُكوميّ في الأرَاضي وغيرِها، بل ربما كان العدوانُ على المالِ العامّ أشدَّ حُرمَةً وأبشَعَ أثَرًا؛ لأنّ الضَّرَرَ فيه يُصيبُ الأمّةَ بمَجموعها، وفي البخاريّ: ((مَن أخَذَ مِن الأرضِ شَيئًا بغير حقٍّ خُسِف بِه يومَ القيامَةِ إلى سَبعِ أَراضِين))، وفي الحديثِ أيضًا: ((مَن أخَذَ مِن طَريقِ المسلِمين شِبرًا جاء يومَ القيامة يحمِله من سبع أراضين)).
أخِي المسلم، اتّقِ الله فيما عليك من حقوقِ المسلمين، وأدِّ مَا وجب عليك من الواجِباتِ والدّيون، فرسولُنا يقول: ((مَطلُ الغَنيِّ ظلمٌ)) متّفق عليه، وفي الحديثِ: ((ثلاثةٌ يبغِضُهُم الله: الشّيخُ الزاني، والفَقير المختال، والغَنيّ الظلوم)) حديث صحيح.
إِخوةَ الإسلام، كلُّ مَن تَولّى للمسلِمينَ وِلايةً فهو سُلطانٌ على هَذه الوِلاية، يجِب عليه تقوَى الله والعدلُ بين المسلمين والحذَرُ من ظلمِ الخَلق أجمعين، قال : ((ثَلاثٌ أخافُ عَلَى أمّتي: الاستسقاء بالأنواءِ، وحَيف السلطان، وتكذيبٌ بالقدر)) رواه أحمد وَهوَ صَحيح، ويقول : ((إنّ أحبَّ النّاس إلى الله يومَ القيامة وأَدناهم منه مجلِسًا إمامٌ عادل، وأبغَض النّاس إلى الله وأبعَدهم منه مجلِسًا إمامٌ جائرٌ)) رواه الترمذي وقال: “حسن غريب”. والوَيلُ ثمّ الوَيل للقَاضِي إذا ظلَم والحاكمِ إذا جَار عنِ العدل، قال : ((القضاةُ ثلاثة، وَاحدٌ في الجنّة واثنانِ في النّار، فأمّا الذي في الجنّة فرجلٌ عرَف الحقَّ فقضى بِه، ورَجلٌ عرفَ الحقَّ فجار في الحكمِ فهو في النّار، ورجلٌ قضى للنّاس على جهلٍ فهو في النار)) رواه أبو داود وابن ماجَه وسنده صحيح.
يا أهلَ الولاياتِ والمناصبِ، يا أهلَ الوظائف والمراتِب، اتّقوا الله جلّ وعلا فيما وُلِّيتم عليه من أمور المسلمِين، فتفضيلُ بعض الناس على أمثالهم في الوظائف ظلمٌ جسيم، وتقديمُ مَن ليس أهلا على مَن هو أهلٌ جَورٌ عظيم، وقَصدُ المضرّة بالآخرين في دُنياهم ظلمٌ مبين، قال : ((صِنفان من أمّتي لا تنالهما شفاعتي: سُلطان غشوم ظَالم، وغَالٍ في الدين)) الحديث روَاه ابن أبي عاصِم في السنّة بِسندٍ صحيح وذكَرَه المنذِري وقال: “رواه الطّبراني في الكبيرِ ورِجاله ثقات”. وفي حديثِ أبي هريرة قال: قالَ رسولُ الله : ((مَا مِن أميرِ عَشَرةٍ إلا يؤتى به يومَ القيامة مغلولا، لا يفكُّه إلاّ العدل أو يوبقه الجور)) رواه أحمد وسنده صحيح.
واحذَروا ـ يا مَن جعَل الله حَاجاتِ الخلقِ عِندهم ـ أن تَضطرّوهم لما لا يُحمَد شرعًا ولا يُرتَضَى طبعًا، فتبوؤوا بالإثم والغضب من الربّ جلّ وعلا، قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم منَعوا الحقَّ حتى اشتُرِي، وبَسَطوا الجورَ حتى افتُدِي).
إخوةَ الإسلامِ، ومِن الظّلمِ الواضِحِ الذي يَقَع فيه بَعضُ الناسِ ظلمُ الأجَرَاء والمستَخدَمين من عمّالٍ ونحوِهم ببخسِهِم حقوقَهم أو تأخيرها عن أوقاتها أو إِهانَتِهم بقولٍ أو فعل، في صحيحِ البخاريّ أنَّ النبي قال: ((ثلاثةٌ أنا خَصمُهُم يَومَ القيامة))، وذكر مِنهم: ((ورجلٌ استأجَرَ أجيرًا فاستَوفى مِنه ولم يعطِهِ أجرَه))، وفي الحديث أيضا أنَّ رسولَ الله قال: ((إنَّ الله يعَذِّب الذين يعذِّبون الناسَ في الدّنيا)) رواه مسلم.
أيّها الآباء، ومِن الظلمِ الذي يقَعُ فيه بعضُ النّاس بِسَبَب العَاطِفَة المذمُومَةِ تَفضيلُ بعضِ الأولاد على بعضٍ في العطيّة. فضّل بشير ابنَه النعمان بهديّةٍ من بين أولاده وأرادَ أن يُشهِد رسولَ الله ، فقالَ لَه سيِّدُنا رَسولُ الله : ((يا بَشير، أَلَك ولدٌ سِوى هذا؟)) قال: نعَم، فقال: ((أكلَّهم وَهبتَ له مِثلَ هذا؟)) قال: لاَ، قال: ((فَلا تُشهِدني إذًا؛ فإني لا أشهَد على جَور)) متفق عليه، وفي الحديثِ الآخر: ((اتَّقوا اللهَ واعدِلوا بينَ أولادِكم)).
إخوةَ الإسلام، ومِن الظلم العظيمِ مؤاخذةُ غيرِ الجاني والاقتِصاصِ من غير [الباغي]، يقول سبحانَه في قصَّة العَزيز: قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ [يوسف:79].
مَعَاشِرَ المسلِمين، العفوُ عنِ المظلَمَة فيه أجرٌ عظيم وثوابٌ جزيل، فربّنا جل وعلا يقول: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]. ولَئِن كان العفوُ بهذه المثابَةِ فالصَّبر على الظلم واحتساب الأجرِ فيه من الله أعظمُ أجرًا وثوابًا، وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [الشورى:43].
بارك الله لنا في الوَحيَين، وَنفَعَنا بما فيهِما مِن الهَديِ والبيانِ، أقول هذا القَولَ، وأستَغفِرُ الله لي وَلَكم ولسائِرِ المسلمين مِن كلّ ذَنبٍ، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله علَى تَوفِيقه وامتِنانِه، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله وَحدَه لاَ شَريكَ لَه تعظيمًا لِشأنِه، وأشهَد أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُه ورَسولُه الداعِي إلى رِضوانِه، اللّهمَّ صَلِّ وسلِّم وبارك عليه وعَلى آله وأصحابه وإخوانه.
أمّا بعد: فيا أيّها المسلِمون، أوصِيكم ونفسِي بِتقوى الله جلّ وعلا؛ ففيها الفَلاح في الدّنيا وفي الأخرى.
أيّها المسلمون، وإنَّ مِن الواجِبِ الشَّرعيّ نُصرةَ المظلومِ ورَدعَ الظالمِ والأخذَ على يَدَيه بالنّصيحةِ تَارَةً وبِرفعِ أمرِه لوَليّ الأمر أو نَائِبه الشرعيّ تارة، قال : ((انصُر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، قالوا: يا رسولَ الله، هذا ننصُرُه مظلومًا، فكيفَ ننصُره ظالمًا؟! قالَ: ((تأخُذُ فوقَ يَدِه)) متّفَق عليه. وفي حديثِ البراءِ: أمَرَنا رسول الله بسبعٍ، وذكر منها: ((ونَصر المظلوم)).
أيّها المسلِمون، إنَّ مِنِ انعِكاسِ المفاهيمِ وقَلبِ الحقائِق والتّمويه على العقولِ تسميةَ مقاومة الاحتلال والعدوان والدّفاع عن الأموال والأعراض إِرهابًا وإجرامًا، بَينَما الاحتلالُ والاعتِداء والقَهر والظلم عند أولئك [مشروعٌ ومحمود]، والله جلّ وعلا يقول: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39]، ويقول: وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [الشورى:41، 42].
أيّها الإنسانُ، إذا دَعَتك قدرتُك على ظلمِ الناس فتذَكّر قدرةَ الله جلّ وعلا عليك، واخشَ من دعوةِ المظلوم فإنّه ليسَ بَينها وبين الله حِجاب، يقولُ رسولُنا لمُعاذٍ وقَد أرسَلَه إلى اليَمَن: ((واتَّق دعوةَ المظلومِ، فإنه ليس بينها وبين الله حِجاب))، وفي الحديث: ((ثلاثةٌ لا تردّ دعوتهم))، وذكَر منهم: ((ودَعوة المظلوم، يرفعها الله فوقَ الغَمامِ، ويَفتَح لها أَبوابَ السّماء، ويَقولُ الرّبّ جلّ وعلا: وعِزّتي، لأنصُرَنّك ولو بعدَ حين)).
أيّها المسلم، إذَا خَرجتَ من بيتِك فاستَعِن بالله، واحرِص على التضرّع إلى اللهِ أن يعصِمَك من الزلَلِ وأَن يجنّبَك الظلمَ كما ثبَت ذلك في الحديثِ عنِ النبيِّ .
أيّها المسلِمون، مَسألتان عَظيمَتانِ مُهِمّتان نذَكّر أنفسَنا وإخوانَنا بها:
أوّلها: أنَّ الدعاءَ إنما يُصرف ويُطلَب مِنَ اللهِ جلّ وعلا، فمَن أراد زيارةَ قبرِ النبيِّ فلا يجوز له أن يتوجّهَ إلى القبرِ فيدعو الله، أمّا إذا دعَا النبيَّ من دونِ الله في كشفِ ضرٍّ أو جَلبِ نَفعٍ فذلك من الشركِ العظيم الذي جاءَ النبيُّ لمحارَبَتِه، وجاءَ لإقامَةِ لِواءِ التّوحيد إلى أن يرثَ الله الأرضُ ومَن عليها.
المسألةُ الثانية: أنّ شَهرَ رَجب شهرٌ عَظيم، ولَكن لم يثبُت عنِ النبيّ أنّه أمَر بتخصِيصِه بعبادةٍ ما، وقد نبّهَ على ذلك أساطِينُ العِلم ومحقِّقي العلَماء في المذاهِب كلِّها.
فلنتَّبِع هديَ النبيِّ ، ولنَكُن مخلِصينَ للهِ جلَّ وعَلا موَحِّدين له في السّراء والضّرّاء.
ثم إنَّ مِن أفضل الأعمال وأزكاهَا عند خالِقِنا جلّ وعلا الصلاةَ والسّلام على سيّدنا وحبيبِنا ونبيِّنا وقُرّة عيونِنا محمّد .
اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين…

نشر في : 08:20 |  من طرف Unknown

الاستبداد السياسي هو الانفراد بالسلطة، ومعنى استبد به: أي انفرد به يقال: استبد بالأمر، يستبد به استبداداً إذا انفرد به دون غيره(1).

ويكتسب الاستبداد معناه السيئ في النفس من كونه انفراداً في أمر مشترك، فإدارة الأمة وولايتها تعود إليها برضاها، فإذا قام أحد وغلب الأمة وقهرها في أمر يهمها جميعا، وانفرد بإدارتها دون رضاها، فقد وقع في العدوان والطغيان.

وهذا الاستيلاء والسيطرة على أمر الأمة دون رضى منها يفتح أبواب الظلم والفساد وضروب العدوان وهو ما يسمى "الاستبداد السياسي".

فالحكم والولاية العامة على المسلمين حق للأمة، ولا يجوز الانفراد بها دون مشورة لهم كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " من بايع رجلاً من غير مشورة المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا "(2) وجاء في زيادة: "إنه لا خلافة إلا عن مشورة"(3).

فالاستبداد السياسي هو التغلب والاستفراد بالسلطة، والسيطرة التامة على مقاليد الدولة واغتصابها من الأمة دون مشورة و رضى منهم.

والاستبداد جزء من الطغيان وليس مرادفا له، فقد يكون المستبد طاغياً وظالماً، وقد يكون عادلاً مجتهداً في الإصلاح(4).

وقد ظهر الاستبداد في الأمة الإسلامية في وقت مبكر، وذلك بعد ولاية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، والذي عهد بالخلافة من بعده لابنه يزيد، وقال: "من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به ومن أبيه"(5).

وقد كانت هذه البداية في تحويل الحكم من الشورى إلى الوراثة، وهذا ما لم يكن معهوداً في زمن الخلفاء الراشدين الذين هم النموذج التطبيقي للفكر السياسي الإسلامي. وبهذا انتزع حق الأمة في تولية الأصلح بطريقة جماعية شوريّة إلى تولية الأبناء والذرية وان كانت تنقصهم الكفاءة وفي الأمة من هو أصلح منهم.

وهذا الإنفراد في تولية الخلفاء فتح على الأمة الإسلامية باب شر عظيم لا زال يضعفها حتى وصلت إلى الحالة المزرية الآن، واستحكام الاستبداد فيها، وتولي الأشرار لأمرها، وإضعاف دور شعوبها مما سبب ضعفها أمام الأمم الأخرى.

وقد وقف علماء الصحابة من هذه الظاهرة الغريبة المفضية إلى الطغيان موقفاً قوياً وأنكروا على معاوية رضي الله عنه(6)، ومن ذلك أن عبد الرحمن بن أبي بكر قطع خطبة معاوية وقال له: "إنك والله لوددت أنا وكّلناك في أمر ابنك إلى الله، وإنا والله لا نفعل، والله لتردنّ هذا الأمر شورى بين المسلمين أو لنعيدنها عليك جذعة ثم خرج"(7).


ولما قال مروان ابن الحكم في بيعة يزيد:"سنة "أبي بكر" الراشدة المهدية " رد عليه عبد الرحمن ابن أبي بكر فقال: "ليس بسنة "أبي بكر"، وقد ترك أبو بكر الأهل والعشيرة، وعدل إلى رجل من بني عدي؛ أن رأى انه إلى ذلك أهل ولكنها هرقلية"(8).

ولما كلم معاوية رضي الله عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنه في أمر استخلاف ابنه يزيد قال له ابن عمر رضي الله عنه:" إنه قد كان قبلك خلفاء لهم أبناء، ليس ابنك بخير من أبنائهم، فلم يرو في أبنائهم ما رأيت أنت في ابنك، ولكنهم اختاروا للمسلمين حيث علموا الخيار، وأنت تحذرني أن أشق عصا المسلمين، وأن أسعى في فساد ذات بينهم، ولم أكن لأفعل، إنما أنا رجل من المسلمين فإذا اجتمعوا على أمر فإنما أنا رجل منهم"(9).

يقول ابن كثير: " لما أخذت البيعة ليزيد في حياة أبيه كان الحسين ممن امتنع من مبايعته هو وابن الزبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن عمر وابن عباس "(10).

وقد كان امتناع هؤلاء الصحابة، وهم أعلم الناس في زمانهم لعلمهم الأكيد بآثار الاستبداد على الأمة، وخطره عليهم، بل وصل الأمر إلى الخروج المسلح بعد وفاة معاوية رضي الله عنه، ولم تستقر الدولة ليزيد، وقد استمر الخروج المسلح على الاستبداد زمنا طويلا (11).

إن هذه المواقف القوية ضد الاستبداد تدل على بطلان نسبة إقرار الاستبداد إلى الدين، فإن الدين لم يأمر بالتغلب والظلم، بل أمر بالشورى {وشاورهم في الأمر} [آل عمران/159], {وأمرهم شورى بينهم}[الشورى/38] , وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على أن الولاية العامة لا تكون إلا بشورى ورضى من الأمة وهذا ما كانت به الولاية لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.

والإمامة لا تتم إلا بالبيعة، وهي عقد من العقود، وقاعدة الشريعة الإسلامية في العقود هي ضرورة رضى المتعاقدين، وهي من جنس الوكالة.

فالحاكم وكيل عن الأمة في تطبيق أحكام الإسلام، ولهم خلعه إذا خالف مقتضى العقد بالكفر أو الظلم(12).

ولا ينبغي أن تنسب تجاوزات الحكام، وجعل الإمامة بالوراثة بدلا عن الشورى واختيار الأمة إلى الإسلام(13)، فقد تبين سابقاً الأمر بالشورى، وضرورة رضى الأمة الاختياري بمن يلي أمرهم، ويدبر شؤونهم.

وقد يظن البعض أن النهي عن الخروج على الحاكم حتى لو كان متغلباً ومستبداً يدل على تبرير الاستبداد، وهذا الظن غير صحيح، لأن النهي عن القتال معلل بأنه فتنة تسبب الفرقة وشق عصا المسلمين، والمعادلة بين الاستبداد مع خطره وطغيانه، وبين القتال الذي يراق فيه دماء المسلمين ويفرق كلمتهم تجعل الصبر على الاستبداد مع مقاومته بالاحتساب خير من القتال لأنه أقل ضرراً، فمعصية القتال أكبر من معصية الاستبداد، ولهذا جاء في الحديث: "وإن تأمر عليكم عبد حبشي فاسمعوا وأطيعوا "(14)، وقوله: "تأمر" يعني أمر نفسه دون رأى منكم.

وهذا لا يعني تبرير الاستبداد والظلم، فمقاومته بغير القتال لا تزال قائمة في الدين وهو باب عظيم عد من أركان الإسلام وهو باب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

فترك القتال لمصلحة الأمة لا يعني إقرار الاستبداد إذا اقتصر على تفرده بالسلطة مع إقامة شعائر الدين، وتطبيق أحكامه، ولهذا لو أمكن خلع الحاكم المستبد دون قتال وفتنة لكان ذلك واجباً، لأنه رد الأمر إلى أهله.

وقد استمر الاستبداد في الأمة من زمن الدولة الأموية وإلى الدولة العثمانية، وقد جاءت آثاره تدريجيا في الأمة إلى أن استحكم ووصل لذروته اليوم.

وقد وجدت أسباب ساعدت في نموه، وبررت لوجوده، ودافعت عنه، ودعمته حتى وصل إلى هذا الحد المزري في الأمة.

ومن هذه الأسباب: 

1- ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول تعالى: {لُعِنَ الّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيَ إِسْرَائِيلَ عَلَىَ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} [المائدة/78- 79].

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"(15)، وقال: " إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم: يا ظالم، فقد تودع منها"(16)، وقال: " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه عمهم الله بعقابه "(17) وقال:" لتأخذن على يد الظالم، و لتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعننكم كما لعنهم"(18)، ولهذا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فضيلة الاحتساب على الحكام والولاة فقال "سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"(19)، وقال " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"(20).

وقد قامت الأمة بمحاسبة الحكام(21)، وردهم إلى الحق وعدم مجاملتهم على حساب الحق، وهذا ما كان له اثر كبير في حياة الأمة، واستمرارها على تطبيق أحكام الإسلام مع وجود الاستبداد والحكم الوراثي.

ولكن مع تراجع دور الأمة، والعلماء بالذات في القرون المتأخرة عن محاسبة الحكام وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر زاد الاستبداد والطغيان، وتفاقم الظلم والاعتداء على الحريات والحقوق وارتكاب نواقض الإيمان دون أيّ خوف أو تردد.

وزاد الأمر سوءاً عندما وجد من العلماء من يقف في جوار السلطة مع أنها على ظلم وعدوان، ويتأول لها المعاذير، ويخرّج أعمالها، ويفتي لها في طغيانها وظلمها.

هذا الوضع الكئيب شجّع على الطغيان من قبل الحكام دون أدنى محاسبة، في وقت انتشار الحريات ومحاسبة الحكام وتداول السلطة في أوروبا، وقد بهرت هذه الصورة بعض المثقفين، فظن أن هذا الاستبداد هو نتاج تطبيق الإسلام، ولهذا هاجر فكره وظن أن المنقذ الوحيد لهذه الأمة يكون في تبنيها للفكر الليبرالي وتطبيقاته السياسية والاقتصادية، ولم يترك لنفسه فرصة التفكير في أساس المشكلة وهي ترك التطبيق الحقيقي للإسلام، ولم يفكر في سلبيات المذاهب الوضعية الحديثة التي خرجت من عقل مضطرب متناقض.

2- انتشار عقيدة الإرجاء والجبر من خلال الصوفية و الأشاعرة والماتريدية، وهاتان العقيدتان لهما تأثير كبير في ظهور روح الاستسلام للظلم، وتهوين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالإرجاء يبرر الطغيان ويعتذر له، ولهذا سُمي الإرجاء "دين الملوك"، فمهما ارتكب المستبد من المظالم والعدوان على الحقوق والحريات، ومهما فعل من نواقض الإيمان ومبطلاته فإنه لا يعدو أن يكون مقصراً في بعض الكماليات، أما الإيمان فإنه كامل بمجرد التصديق القلبي ونطق الشهادتين - عندهم -.

ومما يؤكد الارتباط بين الإرجاء والاستسلام للمستبد أن ظهوره كان عقب هزيمة ابن الأشعث أمام طغيان الحجاج في "دير الجماجم"سنة 83 هـ، فقد كانت حركة عبد الرحمن بن الأشعث من أقوى حركات الاحتساب المسلح ضد الاستبداد(22)، وعندما هزمت وقع في الناس الوهن، وظهر بعدها الإرجاء والتصوف والشعور باليأس من تغيير مظالم السلطان، ولعل ذلك يعود إلى الحشد الهائل الذي اجتمع مع ابن الأشعث من العلماء والفقهاء، ومع ذلك هزموا وقتل الكثير منهم، وهرب الباقون(23).

يقول قتادة:"إنما أحدث الإرجاء بعد هزيمة ابن الأشعث"(24).

أما عقيدة الجبر فإنها ورثت الاستسلام أمام الاحتلال الأجنبي، وإن الإيمان بالقدر يقتضي عدم مقاومته وجهاده، بل إنه يتضمن الخضوع والخنوع له.

والفكر الصوفي من أقوى أسباب الاستسلام للمستبدين، فإنه يشجع على الانصراف عن الجهاد والاحتساب، والاشتغال بالأمور العامة بما فيها الشؤون السياسية، فكيف إذا كان الفكر الصوفي يزيد عن انصرافه عن الحياة وشئونها "العقيدة الجبرية" الانهزامية المستسلمة.

إنه باستحكام التصوف والإرجاء والجبر في الحياة الإسلامية العامة قد اكتملت كل مقومات الخضوع للمستبد، بل زاد على ذلك تبرير ظلمه وطغيانه بأنواع المبررات والمعاذير الباطلة.

3- التبرير والتأول الشرعي الذي ساعد على إضفاء الشرعية على استبداد الحاكم، وانفراده عن الأمة، وتوليه لشؤونها دون مشورة و رضى منها.

وقد بدأ ذلك منذ أول تحول في الأمة من الخلافة الراشدة الشورية إلى الحكم الاستبدادي الوراثي، ولهذا برر معاوية رضي الله عنه تولية ابنه يزيد من بعده بقوله "إني خفت أن أدع الرعية من بعدي كالغنم المطيرة ليس لها راع"(25)، فهو يبرر تصرفه بأنه يريد المصلحة للأمة وهي - أي المصلحة- مقصد شرعي شريف، وقد كان مجتهداً في ذلك رضى الله عنه, ولكن أعيان الصحابة في زمانه اعترضوا عليه بأن هذا خلاف فعل النبي صلى اله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وبقية الخلفاء الراشدين، وإن ترك الأمر لاختيار الأمة ليس فيه ضيعة لها بل هو صمام الأمان من الفتن(26).

فالاستبداد منذ أن بدأ وهو يلتمس التبرير الشرعي، ولهذا وُجدت في آراء أتباع المذاهب الفقهية ما يبرره، ومن ذلك استدلال الماوردي بجواز العهد مطلقا بعمل المسلمين وعدم وجوب الإنكار بذلك(27)، وهو استدلال منقوض بإنكار علماء الصحابة على معاوية -كما تقدم- وبخروج جمع من القراء والفقهاء في الدولة الأموية -كما تقدم-، وأن العبرة بمصدر التشريع وهو الوحي ودعوى الإجماع باطلة بما تقدم. 

كما استدل بفعل أبي بكر رضي الله عندما عهد بالخلافة لعمر رضي الله عنه(28)، وليس فيه دليل لأن خلافة عمر رضي الله عنه إنما تمت بعد موافقة المسلمين عن رضى، وليس فيه أنه افتأت على الأمة دون رأيهم.

ويدل لذلك قول أبي بكر رضي الله عنه للصحابة "أترضون بمن استخلف عليكم ؟ فإني والله ما ألوت من جهة الرأي(29)، ولا وليت ذا قرابة، وإني قد استخلفت عمر بن الخطاب، فأسمعوا له وأطيعوا " قالوا: سمعنا وأطعنا(30)، وفي رواية "فأقروا بذلك جميعاً، ورضوا وبايعوا"(31)، وهكذا بيعة عثمان رضي الله عنه، فقد استشار فيها عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الناس بصور مختلفة جميعاً وأشتاتاً، مثنى وفرادى، سراً وجهراً، حتى النساء في خدورهن، والولدان في المكاتب، والأعراب والركبان من خارج المدينة(32)، وكذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد مقتل عثمان "إن بيعتي لا تكون إلا عن رضا من المسلمين، فلما دخل المسجد دخل المهاجرون والأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس"(33).

وقد رجح الماوردي جواز التوريث في الإمامة مع قوله بعدم اشتراط رضا الأمة عند العهد لأن الإمامة من حقه(34)، مع أن الإجماع منعقد على أنه لا يجوز التوريث فيها(35).

وقد انتشر عند بعض أتباع المذاهب القول بجواز ولاية المتغلّب(36)، والظاهر أن ذلك تم تحت ضغط الواقع، وإلا فإن المتغلّب من جنس الغاصب، وليس للغاصب إدعاء جواز غصبه(37).

وكان الواجب أن ينكر على كل حاكم مستبد أخذه للولاية دون رضى ومشورة من الأمة، لأن بقاء الشورى ضمان للعدل والعمل بأحكام الإسلام، والاستبداد يفتح بوابة الظلم على مصراعيها، فربما يكون الحاكم عادلاً ثم يولي ابنه ويكون ظالماً.

4- الغلو في طاعة ولي الأمر، ولاشك أن طاعته في المعروف واجبة، ولكن الغلو في ذلك أوصل الأمر إلى درجة الطاعة في معصية الله بحجة أن الله تعالى يغفر لهم ذنوبهم لمكانتهم في الأمة، ووصل الغلو إلى تقبيل يد الحاكم ورجله تعظيماً له (38).

ومن الأمثلة على ذلك ما قاله شيخ الإسلام بن تيمية: " فكثيرٌ من أتباع بني أمية- أو أكثرهم - كانوا يعتقدون أن الإمام لا حساب عليه ولا عذاب، وأن الله لا يؤاخذهم على ما يطيعون فيه الإمام، بل تجب عليهم طاعة الإمام في كل شيء، والله أمرهم بذلك، وكلامهم في ذلك معروف كثير. وقد أراد يزيد بن عبد الملك أن يسير بسيرة عمر بن عبد العزيز، فجاء إليه جماعة من شيوخهم، فحلفوا له بالله الذي لا إله إلا هو، أنه إذا ولّى الله على الناس إماماً تقبل الله منه الحسنات وتجاوز عنه السيئات. ولهذا تجد في كلام كثير من كبارهم الأمر بطاعة ولي الأمر مطلقاً، وأن من أطاعه فقد أطاع الله "(39 ).

وقد تعامل البعض مع مسائل طاعة ولي الأمر على أنها من مسائل أصول الدين، مع أن قضية الإمامة من فروع الدين وليست من أصوله إلا عند الرافضة(40).

وبسبب هذا الغلو ضعف الاحتساب على الحكام، وأصبح العلماء دمية في يد الحاكم يوجههم إلى حيث أراد باسم المصلحة، والبعد عن الفتنة، مع أن الوضع الصحيح هو التزام الحاكم بمشورة علماء الأمة.

وزاد الطين بلة أن الحكومات الإسلامية المعاصرة أخذت نظام الدولة القومية الحديثة التي تتحكم في شعبها تحكماً مركزياً دقيقاً، وتنظم بطريقة إدارية صارمة كافة مناحي الحياة اليومية للفرد، فأصبح الفرد لا يستطيع أن يقوم بأي عمل إلا بإذن وتصريح من السلطات الحاكمة، وهذه الصورة لم تكن معروفة في الدول قبل الثورة الفرنسية إذْ كان النظام السياسي نظاماً غير مركزي يستطيع الفرد أن يتنقل ويعمل ما يشاء دون إذن رسمي، وقد كانت الحريات متاحة بشكل كبير، ولكن بعد نظام الدولة الحديثة أصبح الفرد مقيداً بالأنظمة من كل مكان، وفي هذه الحالة إذا قيل يجب طاعة هذه الأنظمة التفصيلية المقيدة للحريات فإنه سيكون تقييد دقيق للفرد وقتل لإمكاناته وإبداعه باسم طاعة ولي الأمر.

ومن هنا يتبين الفرق بين طاعة ولي الأمر في كلام الفقهاء قديماً، وأنه لا يتجاوز عدم الخروج عليه بالسيف، والطاعة في المعروف، وبين القول بطاعة ولي الأمر في ظل نظام الدولة الحديثة الذي يشمل المنع من إقامة أي عمل ولو كان عملا خيرياً أو حسبة أو دعوة إلا بإذن مسبق.

5- دعوى عدم أهلية الأمة لممارسة الشورى بصورة صحيحة، وقد وجد في العصر الحديث من دعمها واحتج لها من وجه آخر وهو عدم اكتمال بناء الدولة ومؤسساتها، ومن أبرزهم الدكتور محمد جابر الأنصاري فهو يرى أن "الطبيعة السلطوية أو التسلطية الحادة للأنظمة العربية – من راديكالية وتقليدية على السواء –"لا تعود إلى " مسألة عطش الحاكم العربي إلى السلطة ليس إلا ؟" بل تعود إلى وجه موضوعي آخر وهو "وجه التطور التاريخي بمنطقه الذي يحتم إكتمال وإنضاج الدولة وسلطاتها وركائزها".

ويقول: "الدولة القطرية الحالية في معظم بيئاتها وأقطارها مازالت تمثل (مشروع دولة ولم تصل بعد إجمالاً إلى مرحلة الدولة المكتملة التكوين والنضج والمؤسسات والتقاليد والنظم.. وإكمال بناء الدولة بطبيعة الحال عملية نمو تاريخي لا يمكن إنجازه بين عشية وضحاها في ضوء غياب تاريخي للدولة أصلا"(41).

وهو يؤكد أن استبداد الحكومات أمر طبيعي حتى يتم استكمال بناء مؤسسات الدولة، وهذا الثبات أمر لابد منه لأنه داخل في سياق التطور التاريخي(42)، وإلى حين نضج مؤسسات الدولة والمجتمع فإنه من الواجب بقاء الصورة الاستبدادية على ما هي عليه.

6- دعم القوى الاستعمارية الأجنبية، والتي من مصلحتها بقاء الأمة الإسلامية تحت سلطة الأنظمة الاستبدادية، وهذا الدعم لا تكاد تخطؤه العين، ولا يزوغ عنه الفكر، فإن الولايات المتحدة عندما دخلت المنطقة كوريث للاستعمار الانجليزي والفرنسي بدأ دخولها بعد الحرب العالمية الثانية من خلال الانقلابات العسكرية المستبدة في الخمسينيات والستينيات، ثم استمرت في دعم الأنظمة الاستبدادية والوقوف في جانبها إلى اليوم.

هذه الأسباب وغيرها أوصلت الأمة إلى المرحلة المعاصرة من الاستبداد، وهي مرحلة شديدة الطغيان، وصل الظلم فيها إلى تنحية الشريعة الإسلامية عن الحكم، والتعاون مع العدو الكافر ضد مصالح الأمة العليا بغرض تحقيق مكاسب شخصية، والاعتداء على أديان الناس وأخلاقهم من خلال الإعلام، وسرقة المال العام وسوء تصريفه، وكبت الحريات الشرعية، ومنع المصلحين من ممارسة الإصلاح , والتدخل في القضاء لمآرب خاصة، والتعذيب والظلم في التحقيق والاستجواب,وخنق أنفاس المجتمع وقتل إمكانياته وإبداعه، والحرب الشرسة على الدعوة الإسلامية، وفتح الباب للمذاهب الإلحادية، والفساد الأخلاقي إلى غير ذلك من العدوان والمظالم.

أمام هذه الصورة القبيحة ظن البعض أنه لا مخرج إلا بتبني المنهج الليبرالي للخروج من المأزق، وأن المنهج الإسلامي لا يملك مخرجاً صحيحاً إذا لم يكن معيناً على الاستبداد وداعماً له، ولا شك أن الصورة القاتمة عن الإسلام هي التي جعلت هذه الفئة تختار فكراً وضعياً أجنبياً، وتقع المسؤولية على هذه الفئة نفسها لأنها لم تتعلم حقيقة الإسلام الصحيح، وكذلك على الفرق الضالة، وعلماء السوء، والمفرطين من أهل السنة والجماعة.

ومما شجع هذه الفئة للمنهج الليبرالي رؤيتهم لتطبيقات ذات جانب مشرق في النظم الغربية المعاصرة، مثل الحريات، وتداول السلطة، وضمانات الاستجواب، واستقلال القضاء، والمشاركة الشعبية، وغفلوا عن الجوانب المظلمة الأخرى

الإستبداد السياسي


الاستبداد السياسي هو الانفراد بالسلطة، ومعنى استبد به: أي انفرد به يقال: استبد بالأمر، يستبد به استبداداً إذا انفرد به دون غيره(1).

ويكتسب الاستبداد معناه السيئ في النفس من كونه انفراداً في أمر مشترك، فإدارة الأمة وولايتها تعود إليها برضاها، فإذا قام أحد وغلب الأمة وقهرها في أمر يهمها جميعا، وانفرد بإدارتها دون رضاها، فقد وقع في العدوان والطغيان.

وهذا الاستيلاء والسيطرة على أمر الأمة دون رضى منها يفتح أبواب الظلم والفساد وضروب العدوان وهو ما يسمى "الاستبداد السياسي".

فالحكم والولاية العامة على المسلمين حق للأمة، ولا يجوز الانفراد بها دون مشورة لهم كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " من بايع رجلاً من غير مشورة المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا "(2) وجاء في زيادة: "إنه لا خلافة إلا عن مشورة"(3).

فالاستبداد السياسي هو التغلب والاستفراد بالسلطة، والسيطرة التامة على مقاليد الدولة واغتصابها من الأمة دون مشورة و رضى منهم.

والاستبداد جزء من الطغيان وليس مرادفا له، فقد يكون المستبد طاغياً وظالماً، وقد يكون عادلاً مجتهداً في الإصلاح(4).

وقد ظهر الاستبداد في الأمة الإسلامية في وقت مبكر، وذلك بعد ولاية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، والذي عهد بالخلافة من بعده لابنه يزيد، وقال: "من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به ومن أبيه"(5).

وقد كانت هذه البداية في تحويل الحكم من الشورى إلى الوراثة، وهذا ما لم يكن معهوداً في زمن الخلفاء الراشدين الذين هم النموذج التطبيقي للفكر السياسي الإسلامي. وبهذا انتزع حق الأمة في تولية الأصلح بطريقة جماعية شوريّة إلى تولية الأبناء والذرية وان كانت تنقصهم الكفاءة وفي الأمة من هو أصلح منهم.

وهذا الإنفراد في تولية الخلفاء فتح على الأمة الإسلامية باب شر عظيم لا زال يضعفها حتى وصلت إلى الحالة المزرية الآن، واستحكام الاستبداد فيها، وتولي الأشرار لأمرها، وإضعاف دور شعوبها مما سبب ضعفها أمام الأمم الأخرى.

وقد وقف علماء الصحابة من هذه الظاهرة الغريبة المفضية إلى الطغيان موقفاً قوياً وأنكروا على معاوية رضي الله عنه(6)، ومن ذلك أن عبد الرحمن بن أبي بكر قطع خطبة معاوية وقال له: "إنك والله لوددت أنا وكّلناك في أمر ابنك إلى الله، وإنا والله لا نفعل، والله لتردنّ هذا الأمر شورى بين المسلمين أو لنعيدنها عليك جذعة ثم خرج"(7).


ولما قال مروان ابن الحكم في بيعة يزيد:"سنة "أبي بكر" الراشدة المهدية " رد عليه عبد الرحمن ابن أبي بكر فقال: "ليس بسنة "أبي بكر"، وقد ترك أبو بكر الأهل والعشيرة، وعدل إلى رجل من بني عدي؛ أن رأى انه إلى ذلك أهل ولكنها هرقلية"(8).

ولما كلم معاوية رضي الله عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنه في أمر استخلاف ابنه يزيد قال له ابن عمر رضي الله عنه:" إنه قد كان قبلك خلفاء لهم أبناء، ليس ابنك بخير من أبنائهم، فلم يرو في أبنائهم ما رأيت أنت في ابنك، ولكنهم اختاروا للمسلمين حيث علموا الخيار، وأنت تحذرني أن أشق عصا المسلمين، وأن أسعى في فساد ذات بينهم، ولم أكن لأفعل، إنما أنا رجل من المسلمين فإذا اجتمعوا على أمر فإنما أنا رجل منهم"(9).

يقول ابن كثير: " لما أخذت البيعة ليزيد في حياة أبيه كان الحسين ممن امتنع من مبايعته هو وابن الزبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن عمر وابن عباس "(10).

وقد كان امتناع هؤلاء الصحابة، وهم أعلم الناس في زمانهم لعلمهم الأكيد بآثار الاستبداد على الأمة، وخطره عليهم، بل وصل الأمر إلى الخروج المسلح بعد وفاة معاوية رضي الله عنه، ولم تستقر الدولة ليزيد، وقد استمر الخروج المسلح على الاستبداد زمنا طويلا (11).

إن هذه المواقف القوية ضد الاستبداد تدل على بطلان نسبة إقرار الاستبداد إلى الدين، فإن الدين لم يأمر بالتغلب والظلم، بل أمر بالشورى {وشاورهم في الأمر} [آل عمران/159], {وأمرهم شورى بينهم}[الشورى/38] , وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على أن الولاية العامة لا تكون إلا بشورى ورضى من الأمة وهذا ما كانت به الولاية لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.

والإمامة لا تتم إلا بالبيعة، وهي عقد من العقود، وقاعدة الشريعة الإسلامية في العقود هي ضرورة رضى المتعاقدين، وهي من جنس الوكالة.

فالحاكم وكيل عن الأمة في تطبيق أحكام الإسلام، ولهم خلعه إذا خالف مقتضى العقد بالكفر أو الظلم(12).

ولا ينبغي أن تنسب تجاوزات الحكام، وجعل الإمامة بالوراثة بدلا عن الشورى واختيار الأمة إلى الإسلام(13)، فقد تبين سابقاً الأمر بالشورى، وضرورة رضى الأمة الاختياري بمن يلي أمرهم، ويدبر شؤونهم.

وقد يظن البعض أن النهي عن الخروج على الحاكم حتى لو كان متغلباً ومستبداً يدل على تبرير الاستبداد، وهذا الظن غير صحيح، لأن النهي عن القتال معلل بأنه فتنة تسبب الفرقة وشق عصا المسلمين، والمعادلة بين الاستبداد مع خطره وطغيانه، وبين القتال الذي يراق فيه دماء المسلمين ويفرق كلمتهم تجعل الصبر على الاستبداد مع مقاومته بالاحتساب خير من القتال لأنه أقل ضرراً، فمعصية القتال أكبر من معصية الاستبداد، ولهذا جاء في الحديث: "وإن تأمر عليكم عبد حبشي فاسمعوا وأطيعوا "(14)، وقوله: "تأمر" يعني أمر نفسه دون رأى منكم.

وهذا لا يعني تبرير الاستبداد والظلم، فمقاومته بغير القتال لا تزال قائمة في الدين وهو باب عظيم عد من أركان الإسلام وهو باب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

فترك القتال لمصلحة الأمة لا يعني إقرار الاستبداد إذا اقتصر على تفرده بالسلطة مع إقامة شعائر الدين، وتطبيق أحكامه، ولهذا لو أمكن خلع الحاكم المستبد دون قتال وفتنة لكان ذلك واجباً، لأنه رد الأمر إلى أهله.

وقد استمر الاستبداد في الأمة من زمن الدولة الأموية وإلى الدولة العثمانية، وقد جاءت آثاره تدريجيا في الأمة إلى أن استحكم ووصل لذروته اليوم.

وقد وجدت أسباب ساعدت في نموه، وبررت لوجوده، ودافعت عنه، ودعمته حتى وصل إلى هذا الحد المزري في الأمة.

ومن هذه الأسباب: 

1- ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول تعالى: {لُعِنَ الّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيَ إِسْرَائِيلَ عَلَىَ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} [المائدة/78- 79].

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"(15)، وقال: " إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم: يا ظالم، فقد تودع منها"(16)، وقال: " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه عمهم الله بعقابه "(17) وقال:" لتأخذن على يد الظالم، و لتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعننكم كما لعنهم"(18)، ولهذا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فضيلة الاحتساب على الحكام والولاة فقال "سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"(19)، وقال " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"(20).

وقد قامت الأمة بمحاسبة الحكام(21)، وردهم إلى الحق وعدم مجاملتهم على حساب الحق، وهذا ما كان له اثر كبير في حياة الأمة، واستمرارها على تطبيق أحكام الإسلام مع وجود الاستبداد والحكم الوراثي.

ولكن مع تراجع دور الأمة، والعلماء بالذات في القرون المتأخرة عن محاسبة الحكام وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر زاد الاستبداد والطغيان، وتفاقم الظلم والاعتداء على الحريات والحقوق وارتكاب نواقض الإيمان دون أيّ خوف أو تردد.

وزاد الأمر سوءاً عندما وجد من العلماء من يقف في جوار السلطة مع أنها على ظلم وعدوان، ويتأول لها المعاذير، ويخرّج أعمالها، ويفتي لها في طغيانها وظلمها.

هذا الوضع الكئيب شجّع على الطغيان من قبل الحكام دون أدنى محاسبة، في وقت انتشار الحريات ومحاسبة الحكام وتداول السلطة في أوروبا، وقد بهرت هذه الصورة بعض المثقفين، فظن أن هذا الاستبداد هو نتاج تطبيق الإسلام، ولهذا هاجر فكره وظن أن المنقذ الوحيد لهذه الأمة يكون في تبنيها للفكر الليبرالي وتطبيقاته السياسية والاقتصادية، ولم يترك لنفسه فرصة التفكير في أساس المشكلة وهي ترك التطبيق الحقيقي للإسلام، ولم يفكر في سلبيات المذاهب الوضعية الحديثة التي خرجت من عقل مضطرب متناقض.

2- انتشار عقيدة الإرجاء والجبر من خلال الصوفية و الأشاعرة والماتريدية، وهاتان العقيدتان لهما تأثير كبير في ظهور روح الاستسلام للظلم، وتهوين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالإرجاء يبرر الطغيان ويعتذر له، ولهذا سُمي الإرجاء "دين الملوك"، فمهما ارتكب المستبد من المظالم والعدوان على الحقوق والحريات، ومهما فعل من نواقض الإيمان ومبطلاته فإنه لا يعدو أن يكون مقصراً في بعض الكماليات، أما الإيمان فإنه كامل بمجرد التصديق القلبي ونطق الشهادتين - عندهم -.

ومما يؤكد الارتباط بين الإرجاء والاستسلام للمستبد أن ظهوره كان عقب هزيمة ابن الأشعث أمام طغيان الحجاج في "دير الجماجم"سنة 83 هـ، فقد كانت حركة عبد الرحمن بن الأشعث من أقوى حركات الاحتساب المسلح ضد الاستبداد(22)، وعندما هزمت وقع في الناس الوهن، وظهر بعدها الإرجاء والتصوف والشعور باليأس من تغيير مظالم السلطان، ولعل ذلك يعود إلى الحشد الهائل الذي اجتمع مع ابن الأشعث من العلماء والفقهاء، ومع ذلك هزموا وقتل الكثير منهم، وهرب الباقون(23).

يقول قتادة:"إنما أحدث الإرجاء بعد هزيمة ابن الأشعث"(24).

أما عقيدة الجبر فإنها ورثت الاستسلام أمام الاحتلال الأجنبي، وإن الإيمان بالقدر يقتضي عدم مقاومته وجهاده، بل إنه يتضمن الخضوع والخنوع له.

والفكر الصوفي من أقوى أسباب الاستسلام للمستبدين، فإنه يشجع على الانصراف عن الجهاد والاحتساب، والاشتغال بالأمور العامة بما فيها الشؤون السياسية، فكيف إذا كان الفكر الصوفي يزيد عن انصرافه عن الحياة وشئونها "العقيدة الجبرية" الانهزامية المستسلمة.

إنه باستحكام التصوف والإرجاء والجبر في الحياة الإسلامية العامة قد اكتملت كل مقومات الخضوع للمستبد، بل زاد على ذلك تبرير ظلمه وطغيانه بأنواع المبررات والمعاذير الباطلة.

3- التبرير والتأول الشرعي الذي ساعد على إضفاء الشرعية على استبداد الحاكم، وانفراده عن الأمة، وتوليه لشؤونها دون مشورة و رضى منها.

وقد بدأ ذلك منذ أول تحول في الأمة من الخلافة الراشدة الشورية إلى الحكم الاستبدادي الوراثي، ولهذا برر معاوية رضي الله عنه تولية ابنه يزيد من بعده بقوله "إني خفت أن أدع الرعية من بعدي كالغنم المطيرة ليس لها راع"(25)، فهو يبرر تصرفه بأنه يريد المصلحة للأمة وهي - أي المصلحة- مقصد شرعي شريف، وقد كان مجتهداً في ذلك رضى الله عنه, ولكن أعيان الصحابة في زمانه اعترضوا عليه بأن هذا خلاف فعل النبي صلى اله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وبقية الخلفاء الراشدين، وإن ترك الأمر لاختيار الأمة ليس فيه ضيعة لها بل هو صمام الأمان من الفتن(26).

فالاستبداد منذ أن بدأ وهو يلتمس التبرير الشرعي، ولهذا وُجدت في آراء أتباع المذاهب الفقهية ما يبرره، ومن ذلك استدلال الماوردي بجواز العهد مطلقا بعمل المسلمين وعدم وجوب الإنكار بذلك(27)، وهو استدلال منقوض بإنكار علماء الصحابة على معاوية -كما تقدم- وبخروج جمع من القراء والفقهاء في الدولة الأموية -كما تقدم-، وأن العبرة بمصدر التشريع وهو الوحي ودعوى الإجماع باطلة بما تقدم. 

كما استدل بفعل أبي بكر رضي الله عندما عهد بالخلافة لعمر رضي الله عنه(28)، وليس فيه دليل لأن خلافة عمر رضي الله عنه إنما تمت بعد موافقة المسلمين عن رضى، وليس فيه أنه افتأت على الأمة دون رأيهم.

ويدل لذلك قول أبي بكر رضي الله عنه للصحابة "أترضون بمن استخلف عليكم ؟ فإني والله ما ألوت من جهة الرأي(29)، ولا وليت ذا قرابة، وإني قد استخلفت عمر بن الخطاب، فأسمعوا له وأطيعوا " قالوا: سمعنا وأطعنا(30)، وفي رواية "فأقروا بذلك جميعاً، ورضوا وبايعوا"(31)، وهكذا بيعة عثمان رضي الله عنه، فقد استشار فيها عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الناس بصور مختلفة جميعاً وأشتاتاً، مثنى وفرادى، سراً وجهراً، حتى النساء في خدورهن، والولدان في المكاتب، والأعراب والركبان من خارج المدينة(32)، وكذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد مقتل عثمان "إن بيعتي لا تكون إلا عن رضا من المسلمين، فلما دخل المسجد دخل المهاجرون والأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس"(33).

وقد رجح الماوردي جواز التوريث في الإمامة مع قوله بعدم اشتراط رضا الأمة عند العهد لأن الإمامة من حقه(34)، مع أن الإجماع منعقد على أنه لا يجوز التوريث فيها(35).

وقد انتشر عند بعض أتباع المذاهب القول بجواز ولاية المتغلّب(36)، والظاهر أن ذلك تم تحت ضغط الواقع، وإلا فإن المتغلّب من جنس الغاصب، وليس للغاصب إدعاء جواز غصبه(37).

وكان الواجب أن ينكر على كل حاكم مستبد أخذه للولاية دون رضى ومشورة من الأمة، لأن بقاء الشورى ضمان للعدل والعمل بأحكام الإسلام، والاستبداد يفتح بوابة الظلم على مصراعيها، فربما يكون الحاكم عادلاً ثم يولي ابنه ويكون ظالماً.

4- الغلو في طاعة ولي الأمر، ولاشك أن طاعته في المعروف واجبة، ولكن الغلو في ذلك أوصل الأمر إلى درجة الطاعة في معصية الله بحجة أن الله تعالى يغفر لهم ذنوبهم لمكانتهم في الأمة، ووصل الغلو إلى تقبيل يد الحاكم ورجله تعظيماً له (38).

ومن الأمثلة على ذلك ما قاله شيخ الإسلام بن تيمية: " فكثيرٌ من أتباع بني أمية- أو أكثرهم - كانوا يعتقدون أن الإمام لا حساب عليه ولا عذاب، وأن الله لا يؤاخذهم على ما يطيعون فيه الإمام، بل تجب عليهم طاعة الإمام في كل شيء، والله أمرهم بذلك، وكلامهم في ذلك معروف كثير. وقد أراد يزيد بن عبد الملك أن يسير بسيرة عمر بن عبد العزيز، فجاء إليه جماعة من شيوخهم، فحلفوا له بالله الذي لا إله إلا هو، أنه إذا ولّى الله على الناس إماماً تقبل الله منه الحسنات وتجاوز عنه السيئات. ولهذا تجد في كلام كثير من كبارهم الأمر بطاعة ولي الأمر مطلقاً، وأن من أطاعه فقد أطاع الله "(39 ).

وقد تعامل البعض مع مسائل طاعة ولي الأمر على أنها من مسائل أصول الدين، مع أن قضية الإمامة من فروع الدين وليست من أصوله إلا عند الرافضة(40).

وبسبب هذا الغلو ضعف الاحتساب على الحكام، وأصبح العلماء دمية في يد الحاكم يوجههم إلى حيث أراد باسم المصلحة، والبعد عن الفتنة، مع أن الوضع الصحيح هو التزام الحاكم بمشورة علماء الأمة.

وزاد الطين بلة أن الحكومات الإسلامية المعاصرة أخذت نظام الدولة القومية الحديثة التي تتحكم في شعبها تحكماً مركزياً دقيقاً، وتنظم بطريقة إدارية صارمة كافة مناحي الحياة اليومية للفرد، فأصبح الفرد لا يستطيع أن يقوم بأي عمل إلا بإذن وتصريح من السلطات الحاكمة، وهذه الصورة لم تكن معروفة في الدول قبل الثورة الفرنسية إذْ كان النظام السياسي نظاماً غير مركزي يستطيع الفرد أن يتنقل ويعمل ما يشاء دون إذن رسمي، وقد كانت الحريات متاحة بشكل كبير، ولكن بعد نظام الدولة الحديثة أصبح الفرد مقيداً بالأنظمة من كل مكان، وفي هذه الحالة إذا قيل يجب طاعة هذه الأنظمة التفصيلية المقيدة للحريات فإنه سيكون تقييد دقيق للفرد وقتل لإمكاناته وإبداعه باسم طاعة ولي الأمر.

ومن هنا يتبين الفرق بين طاعة ولي الأمر في كلام الفقهاء قديماً، وأنه لا يتجاوز عدم الخروج عليه بالسيف، والطاعة في المعروف، وبين القول بطاعة ولي الأمر في ظل نظام الدولة الحديثة الذي يشمل المنع من إقامة أي عمل ولو كان عملا خيرياً أو حسبة أو دعوة إلا بإذن مسبق.

5- دعوى عدم أهلية الأمة لممارسة الشورى بصورة صحيحة، وقد وجد في العصر الحديث من دعمها واحتج لها من وجه آخر وهو عدم اكتمال بناء الدولة ومؤسساتها، ومن أبرزهم الدكتور محمد جابر الأنصاري فهو يرى أن "الطبيعة السلطوية أو التسلطية الحادة للأنظمة العربية – من راديكالية وتقليدية على السواء –"لا تعود إلى " مسألة عطش الحاكم العربي إلى السلطة ليس إلا ؟" بل تعود إلى وجه موضوعي آخر وهو "وجه التطور التاريخي بمنطقه الذي يحتم إكتمال وإنضاج الدولة وسلطاتها وركائزها".

ويقول: "الدولة القطرية الحالية في معظم بيئاتها وأقطارها مازالت تمثل (مشروع دولة ولم تصل بعد إجمالاً إلى مرحلة الدولة المكتملة التكوين والنضج والمؤسسات والتقاليد والنظم.. وإكمال بناء الدولة بطبيعة الحال عملية نمو تاريخي لا يمكن إنجازه بين عشية وضحاها في ضوء غياب تاريخي للدولة أصلا"(41).

وهو يؤكد أن استبداد الحكومات أمر طبيعي حتى يتم استكمال بناء مؤسسات الدولة، وهذا الثبات أمر لابد منه لأنه داخل في سياق التطور التاريخي(42)، وإلى حين نضج مؤسسات الدولة والمجتمع فإنه من الواجب بقاء الصورة الاستبدادية على ما هي عليه.

6- دعم القوى الاستعمارية الأجنبية، والتي من مصلحتها بقاء الأمة الإسلامية تحت سلطة الأنظمة الاستبدادية، وهذا الدعم لا تكاد تخطؤه العين، ولا يزوغ عنه الفكر، فإن الولايات المتحدة عندما دخلت المنطقة كوريث للاستعمار الانجليزي والفرنسي بدأ دخولها بعد الحرب العالمية الثانية من خلال الانقلابات العسكرية المستبدة في الخمسينيات والستينيات، ثم استمرت في دعم الأنظمة الاستبدادية والوقوف في جانبها إلى اليوم.

هذه الأسباب وغيرها أوصلت الأمة إلى المرحلة المعاصرة من الاستبداد، وهي مرحلة شديدة الطغيان، وصل الظلم فيها إلى تنحية الشريعة الإسلامية عن الحكم، والتعاون مع العدو الكافر ضد مصالح الأمة العليا بغرض تحقيق مكاسب شخصية، والاعتداء على أديان الناس وأخلاقهم من خلال الإعلام، وسرقة المال العام وسوء تصريفه، وكبت الحريات الشرعية، ومنع المصلحين من ممارسة الإصلاح , والتدخل في القضاء لمآرب خاصة، والتعذيب والظلم في التحقيق والاستجواب,وخنق أنفاس المجتمع وقتل إمكانياته وإبداعه، والحرب الشرسة على الدعوة الإسلامية، وفتح الباب للمذاهب الإلحادية، والفساد الأخلاقي إلى غير ذلك من العدوان والمظالم.

أمام هذه الصورة القبيحة ظن البعض أنه لا مخرج إلا بتبني المنهج الليبرالي للخروج من المأزق، وأن المنهج الإسلامي لا يملك مخرجاً صحيحاً إذا لم يكن معيناً على الاستبداد وداعماً له، ولا شك أن الصورة القاتمة عن الإسلام هي التي جعلت هذه الفئة تختار فكراً وضعياً أجنبياً، وتقع المسؤولية على هذه الفئة نفسها لأنها لم تتعلم حقيقة الإسلام الصحيح، وكذلك على الفرق الضالة، وعلماء السوء، والمفرطين من أهل السنة والجماعة.

ومما شجع هذه الفئة للمنهج الليبرالي رؤيتهم لتطبيقات ذات جانب مشرق في النظم الغربية المعاصرة، مثل الحريات، وتداول السلطة، وضمانات الاستجواب، واستقلال القضاء، والمشاركة الشعبية، وغفلوا عن الجوانب المظلمة الأخرى

نشر في : 08:14 |  من طرف Unknown

ما حقيقة الاحتياطيات الضخمة التي أعلنت شركات صينية وبريطانية عن اكتشافها في المغرب؟ ولماذا يكذب المكتب الوطني للهيدروكاربورات التقارير الواردة عن الشركات العالمية المكلفة بالتنقيب في المغرب، وبالمقابل، يعلن عن انطلاق عمليات الحفر في عشرات الآبار؟ وهل سيتحول المغرب في غمضة عين إلى بلد بترولي؟ وهل يمكن أن يتكرر سيناريو فضيحة «تالسنت»؟ ..تساؤلات وغيرها يطرحها المغاربة منذ شهور وهم يتابعون تهافت الشركات العالمية على التنقيب عن النفط في أراضي وبحار المغرب.
قبل حوالي 13 سنة من الآن، وبالضبط في سنة 2000، تفجرت فضيحة «تالسينت». أنذاك، أعلن يوسف الطاهري، وزير الطاقة والمعادن في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، عن اكتشاف احتياطيات مهمة من البترول تقدر بـ1.5 مليار برميل في مجموعة من الآبار بمنطقة «تالسينت». وسرعان ما تحولت هذه البشرى إلى محور رئيسي في خطاب الملك بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب من نفس السنة، الذي اعتبر أن حدث اكتشاف النفط لن يثني البلاد عن مواصلة مسيرتها في التنمية على مختلف الواجهات. لكن أسابيع قليلة بعد ذلك، تبخر الحلم واكتشف الجميع أن نفط «تالسينت» كان مجرد خدعة محبوكة من «مكايل كوستين»، رئيس شركة «لون سطار»، التي زفت بشرى اكتشاف مخزون كبير من النفط من أجل مضاعفة قيمة أسهمها في البورصة.
اليوم، تجدد الحلم لدى المغاربة، فمجموعة من الشركات المستفيدة من رخص التنقيب عن النفط والغاز أكدت وجود احتياطيات كبيرة جدا في العديد من نقاط التنقيب، خاصة في منطقة سيدي المختار قرب مدينة الصويرة، وهو الخبر الذي فتح شهية المكتب الوطني للهيدروكاربورات لإطلاق عمليات الحفر في 31 بئرا في المغرب، رغم أنه أصدر موازاة مع ذلك عدة بيانات نفى فيها وجود أي اكتشافات للغاز أو البترول، وأن ما تحدثت عنه مجموعة من التقارير الدولية يتعلق فقط بتقديرات أولية. 

الصينيون والبريطانيون 
يطلقون أولى التباشير 
التباشير الأولى للغزوات البترولية والغازية الجديدة للشركات المنقبة عن النفط بالمغرب، جاءت مع إعلان شركة صينية متخصصة في التنقيب عن البترول أن المغرب سيتحول إلى جنة للغاز الطبيعي، بعد اكتشاف أكبر حقل للغاز بسواحل الصويرة. 
وأوردت الإذاعة الصينية الدولية، التي نشرت الخبر، أن الشركة الصينية تمكنت من اكتشاف مخزون كبير من الغاز الطبيعي على الشريط الساحلي للمحيط الأطلسي، وذلك في منطقة سيدي المختار قرب مدينة الصويرة، مؤكدة أن أشغال التأكد من إمكانية استغلال الغاز ستبدأ خلال شهر نونبر المقبل، هذا في الوقت الذي فضلت فيه الحكومة التزام الصمت، حيث رفض العديد من المسؤولين تأكيد الخبر أو نفيه.
وقدرت الشركة مخزون الغاز الطبيعي في الحقل المكتشف، الذي يحمل اسم «مسكالة» وتبلغ مساحته 771 كيلومترا مربعا، بما بين 292 و776 مليار متر مكعب، مشيرة إلى أن هذا الاكتشاف دفعها إلى إرسال سفينة محملة بالمعدات الخاصة بالتنقيب من المتوقع أن تصل إلى ميناء أكادير خلال هذا الأسبوع.
أسابيع قليلة بعد ذلك، تواترت الأنباء والتقارير التي تتحدث عن اكتشاف احتياطيات جديدة في مجموعة من مناطق التنقيب، فقد أكدت شركة «لونغريش أويل» البريطانية أن موقع سيدي المختار بالصويرة يتوفر على احتياطات مهمة سيتم استغلالها قريبا، موضحة أن مساحة التنقيب في حقل سيدي مختار تمتد على 6172 كيلومترا. وحددت الشركة حوالي 40 بئرا للاستغلال من أهمها «كنزة، كبير، كوثر، قلعة، قصر، كامل، كاوي». وقد انطلقت أشغال الاستكشافات بحفر بئرين يتوقع أن يضما احتياطيا مهما من الغاز هما «بئر كوبا، وبئر قمر».
وتوصلت «لونغريتش أويل» من خلال استكشافاتها إلى أن حقل سيدي مختار توازي كثافته 33 مرة المعدل العالمي، وهي الدواعي التي دفعت الشركة إلى التسريع بانطلاق عملية الحفر في الموقع المذكور، كما اعتمدت على دراسات جيولوجية تؤكد توافق خليج كوبا الغني بالنفط، والذي قدر احتياطه بـ 8 بلايين برميل مع ساحل الصويرة.
ووصل الأمر بمنطقة سيدي المختار إلى أن وفدا هاما، يضم مجموعة من الخبراء والمهتمين والمسؤولين، ترأس عملية ذبح خروف بالإقليم تيمنا ببدء عملية الحفر، من أجل التنقيب عن البترول والغاز الطبيعي.
 وموازاة مع التقارير التي نشرتها الشركات المكلفة بالتنقيب، ظهرت مؤشرات أخرى إيجابية، حيث تحول المغرب إلى قبلة للشركات الراغبة في الاستفادة من رخص جديدة للتنقيب، وعلى رأسها «شيفرون» و»كيرن». وهو الأمر الذي اعتبره مجموعة من الخبراء دليلا قاطعا على وجود اكتشافات حقيقية للنفط والغاز بالمغرب.

استثمارات ضخمة وانطلاق 
الحفر في 11 بئرا هذه السنة
أمام التقارير التي نشرتها الشركات المستفيدة من رخص التنقيب عن البترول والغاز في المغرب، لم يستطع المكتب الوطني للهيدروكاربورات، الذي تديره أمينة بنخضرا، أن يستمر وحيدا مغردا خارج السرب، إذ سرعان ما أعلن في بلاغ رسمي عن انطلاق عمليات الحفر بعرض السواحل المغربية، وكذا عن دخول شركة «كيرن» في الشراكة بين المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن «كوسموس إنيرجي» المتعلقة بتراخيص «كاب بوجدور أوفشور». 
وأكد المكتب أن شركاءه، «كيرن إنيرجي بي إل سي» من خلال فرعها «كابريكورن»، وسان ليون وسيريكا ولونغريتش، أعلنوا عن حفر بئر الاستغلال «إف دي 1» الواقع عرض الساحل المغربي بين أكادير وسيدي إفني، على بعد 93 كلم عن السواحل المغربية بحقل فم درعة، موضحا أن عملية الحفر ستتم بواسطة آلية «كاجون إكسبرس»، التي تنتمي للجيل الخامس، وستدوم مدة تقدر بـ60 يوما.
وقال المكتب إن هذا «النوع من التنقيب لم يتم قط تجريبه بالمغرب من قبل»، وأن «هذه البئر تعد الأولى ضمن سلسلة آبار استغلال مخطط لها»، مضيفا أنه سيتم إرسال آلة الحفر المذكورة بعد الانتهاء من حفر بئر «إف دي 1» إلى كاب جوبي لحفر بئر استغلال أخرى.
ورغم ذلك، ظل المكتب الوطني للهيدروكاربورات يتحدث فقط عن تقديرات بشأن إمكانات جيولوجية، وليس احتياطات، معتبرا أن القيام بالحفر وبالاختبارات وحده من سيوضح وجود النفط من عدمه.
من جهة أخرى، وبخصوص الشركات التي تشتغل حاليا بالمغرب، كشف المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن أن 31 شركة نفطية دولية، بينها شركات كبرى وأخرى مستقلة، تشتغل حاليا في مناطق مختلفة من المغرب، في البر والبحر.
كما أكد المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن المغربي أن المناطق الأكثر تقدما من حيث الاستكشاف ستعرف حفر آبار استكشافية في أواخر سنة 2013 وخلال سنة 2014، فيما يواصل المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، في إطار مخططه ووفقا لاستراتيجيته الشاملة، تعزيز وتقوية دينامية التنقيب عن النفط، من خلال جذب أكبر عدد ممكن من المستثمرين الدوليين وتكثيف أعمال البحث أكثر بالمغرب.
 
المغرب بلد نفطي منذ آلاف السنين
وبعيدا عن الاكتشافات أو التقديرات التي تعلن عنها شركات التنقيب عن النفط في المغرب، هناك مسألة مؤكدة ورسمية، وهي أن المغرب هو بالفعل بلد نفطي منذ آلاف السنين، إذ يؤكد المكتب الوطني للهيدروكاربورات أن المغرب يزخر باحتياطات هامة من الغاز الصخري، أي الصخر الزيتي، تقدر بـ50 مليار برميل، وتجعله يحتل الرتبة السادسة عالميا.
وترى أمينة بنخضرا مديرة المكتب، أن طبيعة الصخر الزيتي وتعقد عملية إبراز قيمته تحول دون وصول المغرب إلى مرحلة الاستغلال الصناعي٬ مسجلة أن المكتب اعتمد منذ سنة 2005 استراتيجية لتطوير الصخر الزيتي تتمحور بالخصوص حول الشراكة مع الشركات النفطية والشركات المنفذة. وذكرت أنه ما بين 2006 و2007 قامت شركة «شيل» بمحاولات غير أنها لم تنضج على المستوى الصناعي، مشيرة إلى أن ثلاث شركات تعتزم حاليا القيام بمحاولات رائدة لاختبار النتائج المحصل عليها٬ في الوقت الذي يجري فيه المكتب مفاوضات مع شريكين حول تمحضيت لمنحهما مساحات حيث سيجريان بعض التجارب.
وبخصوص الغاز الزيتي٬ أضافت المسؤولة أن المغرب لازال في بداية المسلسل٬ موضحة أنه تم التوقيع على اتفاقيات مع ثلاث شركات تتوفر على رخص استكشاف، كما سجلت أن بعض الشركاء سيقومون٬ في هذه المرحلة من الاستغلال٬ بعمليات حفر وسيكون بمقدورهم عبر تحاليل الطبقات الأولى (300 متر) الحصول على معلومات ملموسة.
لكن، بين تقارير الشركات الدولية وبيانات المكتب الوطني للهيدروكاربورات والاحتياطيات الحقيقية للغاز الصخرى التي تخفيها القشرة الأرضية في بعض مناطق المغرب، تذهب بعض التحليلات إلى أن ما يتم الحديث عنه اليوم هو مجرد فقاعة أو بالون اختبار تحاول السلطات من خلالها جذب اهتمام المغاربة وتحويل انتباههم عن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب حاليا، مؤكدة أنه خلال الشهور المقبلة سيستفيق المغاربة من هذا الحلم على كابوس يذكرنا مرة أخرى بفضيحة «تالسنت».
حصة المغاربة في البترول المكتشف لن تتجاوز 25 في المائة
حسب قانون الهيدروكاربورات في المغرب، فإن حصة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن حددت في 25 بالمائة في جميع استثمارات التنقيب والإنتاج، وهي أدنى نسبة في المنطقة، فهي جد منخفضة مقارنة مع 51 بالمائة التي تفرضها الجزائر على كل الاستثمارات الداخلية. كما أن الرسوم التي يفرضها المغرب على الشركات المنقبة تعتبر، هي الأخرى، متواضعة نسبيا، إذ لا تتجاوز 10 بالمائة بالنسبة للإنتاج، ما يجعل حصة مشاركة الحكومة محددة في نسبة 35 بالمائة في أي استثمار. إضافة إلى استفادة الشركات من إعفاء ضريبي يمتد إلى عشر سنوات بالنسبة للاكتشافات الجديدة. ووفقا لـ»لونغريتش أويل» البريطانية، فإن قيمة الربح بالنسبة لكل برميل منتج في المغرب يساوي قيمة الربح لـ13 برميلا في الجزائر، وما يعادل 7 براميل في نيجيريا، وقيمة ربح برميلين في مصر.
حجم استثمارات شركات التنقيب عن النفط بالمغرب يبعث على التفاؤل
- تستعدون حاليا لتنظيم لقاء حول الانتقال الطاقي في المغرب، ما الجديد الذي سيأتي به هذا اللقاء؟
< فكرة الانتقال الطاقي جاءت مباشرة بعد انخراط المغرب منذ سنة 2009 في استراتيجية جديدة للطاقة، فمنذ ذلك الوقت أسس المغرب لمستقبله الطاقي عبر وضع مخطط واضح المعالم يحدد الباقة الطاقية التي سيتم اعتمادها إلى غاية 2030. فالمسؤولون عن القطاع الطاقي لاحظوا أن المغرب مرتبط بشكل كبير بالخارج في سد حاجياته الطاقية، خاصة عن طريق المصادر الأحفورية، وهو ما فرض عليهم التفكير في الانفتاح على أنواع جديدة من الطاقة من بينها الطاقات المتجددة والطاقة النووية المدنية، وذلك بعد دراسات معمقة سواء على مستوى الجدوى أو التكلفة أو التداعيات على البيئة. ومنذ 2009 إلى الآن نظمت عدة مناظرات لاستعراض الاستراتيجية الطاقية الجديدة إلى أن وصلنا إلى اللقاء الذي سننظمه يوم 27 نونبر الجاري بالدار البيضاء، والذي سنكتشف فيه مدى النضج الذي بلغه المغرب في مجال التعامل مع الطاقات الجديدة، من خلال مجموعة من المحاور، على رأسها، الإكراهات التي تواجهها الطاقات المتجددة، والنجاعة الطاقية، بالإضافة إلى التوقعات الخاصة باستكشاف الغاز والبترول في المغرب. كما سنعرف من خلاله أين وصلنا في تنفيذ الاستراتيجية التي أطلقناها سنة 2009. ولابد من الإشارة هنا إلى أن المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والمجتمع المدني مطالبون بالمساهمة في النقاش والانخراط في ذلك، لأنه، من الآن فصاعدا، أصبح المواطنون شركاء في استعمال الطاقة داخل البيئة المحيطة بهم، وهو ما سيجعل من الانتقال الطاقي حقلا للابتكار والإبداع الاقتصادي والاجتماعي والديمقراطي بغية تحقيق رفاه المواطن.
- ما حقيقة الاكتشافات النفطية والغازية التي أعلنت عنها، مؤخرا، مجموعة من الشركات في المغرب؟
< هذا الموضوع باشرته مع الشركات الأجنبية المستفيدة من رخص التنقيب عن النفط والغاز في المغرب، ونقطة التفاؤل التي وقفت عليها شخصيا هي أنه لأول مرة تدخل إلى المغرب شركات عملاقة لها صيت دولي وتحتل الرتب الثانية والثالثة والرابعة في العالم، وتقوم بعقد اتفاقيات مع المكتب الوطني للهيدروكاربورات من أجل إنجاز دراسات زلزالية وجيولوجية من أجل معرفة مدى صحة التقارير الواردة حول وجود احتياطيات مهمة من البترول والغاز في مجموعة من المناطق المغربية، خاصة في البحر. ولابد من الإشارة إلى أنه خلال الـ20 سنة الأخيرة كانت الشركات التي تأتي للتنقيب عن النفط في المغرب صغيرة جدا، ويمكن اعتبارها شركات سمسرة لا غير، أما اليوم فالأمور مختلفة كثيرا، خاصة عندما نتحدث عن شركة بحجم «شيفرون» و»لونغريتش أويل» و»كيرن» وغيرها. وفي الحقيقة، لقد فوجئت بالاهتمام الذي أصبحت توليه هذه الشركات الكبرى للمغرب، وكذا بحجم الاستثمارات التي جلبتها من أجل التنقيب عن النفط والغاز.
- لكن، في نظركم لماذا هذا الاهتمام؟
< كما لا يخفى عليكم، فإن البنية الجيولوجية لليابسة في المغرب صعبة للغاية، والأمل الوحيد الذي ظل قائما هو قعر البحر، كما أن أسعار النفط في السابق كانت رخيصة جدا، أما اليوم فقد وصلت إلى مستويات قياسية. وبالعودة إلى هاتين النقطتين كان من الصعب على الشركات العالمية الكبرى الاستثمار في التنقيب بالمغرب، نظرا لارتفاع كلفة التنقيب بسبب صعوبة البنية الجيولوجية وعدم جدواه لأن أسعار النفط منخفضة. لكن الظرفية اختلفت كثيرا اليوم، فأسعار النفط مرتفعة وتتيح هوامش ربح كبيرة جدا يمكن أن تغطي عمليات التنقيب، سواء في اليابسة أو قاع البحر، كما أن التحفيزات التي وضعها المكتب الوطني للهيدروكاربورات أمام الشركات العالمية محفزة جدا، وهي التي دفعتها إلى اختيار الاستثمار في المغرب، خاصة في ظل وجود توترات في منطقة الشرق الأوسط. ولابد من الإشارة هنا، كذلك، إلى أنني كنت من بين الذين يتمنون ارتفاع أسعار النفط العالمية، حتى نتمكن من جذب اهتمام الشركات العالمية الباحثة عن فرص جديدة للاستثمار. 
- في حالة اكتشاف النفط في المغرب، ألن يؤدي ذلك إلى إلغاء الاستراتيجية الطاقية الحالية للمغرب والمبنية بالأساس على الطاقات المتجددة؟
< الدراسات التي قامت بها وكالة الطاقة الدولية أكدت أن الاعتماد على الطاقات الأحفورية سيستمر إلى غاية سنة 2035، وذهبت شركة «إكسن موبيل» إلى سنة 2040، في حين تجاوزت شركة «شال» كل هذه التوقعات مشيرة إلى أن استغلال الطاقات الأحفورية سيستمر إلى سنة 2050. وهذه كلها دراسات صادرة عن مؤسسات كبرى تؤكد أن العالم سيبقى رهينا بالبترول، رغم اللجوء المتزايد إلى الطاقات المتجددة، بحيث أن 75 في المائة من حاجيات العالم الطاقية ستتم تغطيتها عن طريق البترول. وبالتالي فالمغرب مثل باقي البلدان لن يكون له محيد عن استعمال الطاقات الأحفورية رغم الاستثمارات التي يقوم بها حاليا على مستوى الطاقات المتجددة.
- ما المدة الزمنية الكافية لبداية استغلال البترول أو الغاز تجاريا بعد اكتشافه؟
< عملية استغلال البترول أو الغاز معقدة للغاية، فهي تمر أولا بالدراسات الزلزالية والجيولوجية ثم تنتقل إلى عمليات الحفر، وبعد ذلك يتم الانتقال إلى تشييد البنية التحتية والأنابيب اللازمة لنقل البترول أو الغاز، وهذا يحتاج على الأقل إلى حوالي 10 سنوات، لأن هذه المراحل تحتاج جميعها لاستثمارات ضخمة جدا.

حقيقة الاحتياطيات النفطية بالمغرب


ما حقيقة الاحتياطيات الضخمة التي أعلنت شركات صينية وبريطانية عن اكتشافها في المغرب؟ ولماذا يكذب المكتب الوطني للهيدروكاربورات التقارير الواردة عن الشركات العالمية المكلفة بالتنقيب في المغرب، وبالمقابل، يعلن عن انطلاق عمليات الحفر في عشرات الآبار؟ وهل سيتحول المغرب في غمضة عين إلى بلد بترولي؟ وهل يمكن أن يتكرر سيناريو فضيحة «تالسنت»؟ ..تساؤلات وغيرها يطرحها المغاربة منذ شهور وهم يتابعون تهافت الشركات العالمية على التنقيب عن النفط في أراضي وبحار المغرب.
قبل حوالي 13 سنة من الآن، وبالضبط في سنة 2000، تفجرت فضيحة «تالسينت». أنذاك، أعلن يوسف الطاهري، وزير الطاقة والمعادن في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، عن اكتشاف احتياطيات مهمة من البترول تقدر بـ1.5 مليار برميل في مجموعة من الآبار بمنطقة «تالسينت». وسرعان ما تحولت هذه البشرى إلى محور رئيسي في خطاب الملك بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب من نفس السنة، الذي اعتبر أن حدث اكتشاف النفط لن يثني البلاد عن مواصلة مسيرتها في التنمية على مختلف الواجهات. لكن أسابيع قليلة بعد ذلك، تبخر الحلم واكتشف الجميع أن نفط «تالسينت» كان مجرد خدعة محبوكة من «مكايل كوستين»، رئيس شركة «لون سطار»، التي زفت بشرى اكتشاف مخزون كبير من النفط من أجل مضاعفة قيمة أسهمها في البورصة.
اليوم، تجدد الحلم لدى المغاربة، فمجموعة من الشركات المستفيدة من رخص التنقيب عن النفط والغاز أكدت وجود احتياطيات كبيرة جدا في العديد من نقاط التنقيب، خاصة في منطقة سيدي المختار قرب مدينة الصويرة، وهو الخبر الذي فتح شهية المكتب الوطني للهيدروكاربورات لإطلاق عمليات الحفر في 31 بئرا في المغرب، رغم أنه أصدر موازاة مع ذلك عدة بيانات نفى فيها وجود أي اكتشافات للغاز أو البترول، وأن ما تحدثت عنه مجموعة من التقارير الدولية يتعلق فقط بتقديرات أولية. 

الصينيون والبريطانيون 
يطلقون أولى التباشير 
التباشير الأولى للغزوات البترولية والغازية الجديدة للشركات المنقبة عن النفط بالمغرب، جاءت مع إعلان شركة صينية متخصصة في التنقيب عن البترول أن المغرب سيتحول إلى جنة للغاز الطبيعي، بعد اكتشاف أكبر حقل للغاز بسواحل الصويرة. 
وأوردت الإذاعة الصينية الدولية، التي نشرت الخبر، أن الشركة الصينية تمكنت من اكتشاف مخزون كبير من الغاز الطبيعي على الشريط الساحلي للمحيط الأطلسي، وذلك في منطقة سيدي المختار قرب مدينة الصويرة، مؤكدة أن أشغال التأكد من إمكانية استغلال الغاز ستبدأ خلال شهر نونبر المقبل، هذا في الوقت الذي فضلت فيه الحكومة التزام الصمت، حيث رفض العديد من المسؤولين تأكيد الخبر أو نفيه.
وقدرت الشركة مخزون الغاز الطبيعي في الحقل المكتشف، الذي يحمل اسم «مسكالة» وتبلغ مساحته 771 كيلومترا مربعا، بما بين 292 و776 مليار متر مكعب، مشيرة إلى أن هذا الاكتشاف دفعها إلى إرسال سفينة محملة بالمعدات الخاصة بالتنقيب من المتوقع أن تصل إلى ميناء أكادير خلال هذا الأسبوع.
أسابيع قليلة بعد ذلك، تواترت الأنباء والتقارير التي تتحدث عن اكتشاف احتياطيات جديدة في مجموعة من مناطق التنقيب، فقد أكدت شركة «لونغريش أويل» البريطانية أن موقع سيدي المختار بالصويرة يتوفر على احتياطات مهمة سيتم استغلالها قريبا، موضحة أن مساحة التنقيب في حقل سيدي مختار تمتد على 6172 كيلومترا. وحددت الشركة حوالي 40 بئرا للاستغلال من أهمها «كنزة، كبير، كوثر، قلعة، قصر، كامل، كاوي». وقد انطلقت أشغال الاستكشافات بحفر بئرين يتوقع أن يضما احتياطيا مهما من الغاز هما «بئر كوبا، وبئر قمر».
وتوصلت «لونغريتش أويل» من خلال استكشافاتها إلى أن حقل سيدي مختار توازي كثافته 33 مرة المعدل العالمي، وهي الدواعي التي دفعت الشركة إلى التسريع بانطلاق عملية الحفر في الموقع المذكور، كما اعتمدت على دراسات جيولوجية تؤكد توافق خليج كوبا الغني بالنفط، والذي قدر احتياطه بـ 8 بلايين برميل مع ساحل الصويرة.
ووصل الأمر بمنطقة سيدي المختار إلى أن وفدا هاما، يضم مجموعة من الخبراء والمهتمين والمسؤولين، ترأس عملية ذبح خروف بالإقليم تيمنا ببدء عملية الحفر، من أجل التنقيب عن البترول والغاز الطبيعي.
 وموازاة مع التقارير التي نشرتها الشركات المكلفة بالتنقيب، ظهرت مؤشرات أخرى إيجابية، حيث تحول المغرب إلى قبلة للشركات الراغبة في الاستفادة من رخص جديدة للتنقيب، وعلى رأسها «شيفرون» و»كيرن». وهو الأمر الذي اعتبره مجموعة من الخبراء دليلا قاطعا على وجود اكتشافات حقيقية للنفط والغاز بالمغرب.

استثمارات ضخمة وانطلاق 
الحفر في 11 بئرا هذه السنة
أمام التقارير التي نشرتها الشركات المستفيدة من رخص التنقيب عن البترول والغاز في المغرب، لم يستطع المكتب الوطني للهيدروكاربورات، الذي تديره أمينة بنخضرا، أن يستمر وحيدا مغردا خارج السرب، إذ سرعان ما أعلن في بلاغ رسمي عن انطلاق عمليات الحفر بعرض السواحل المغربية، وكذا عن دخول شركة «كيرن» في الشراكة بين المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن «كوسموس إنيرجي» المتعلقة بتراخيص «كاب بوجدور أوفشور». 
وأكد المكتب أن شركاءه، «كيرن إنيرجي بي إل سي» من خلال فرعها «كابريكورن»، وسان ليون وسيريكا ولونغريتش، أعلنوا عن حفر بئر الاستغلال «إف دي 1» الواقع عرض الساحل المغربي بين أكادير وسيدي إفني، على بعد 93 كلم عن السواحل المغربية بحقل فم درعة، موضحا أن عملية الحفر ستتم بواسطة آلية «كاجون إكسبرس»، التي تنتمي للجيل الخامس، وستدوم مدة تقدر بـ60 يوما.
وقال المكتب إن هذا «النوع من التنقيب لم يتم قط تجريبه بالمغرب من قبل»، وأن «هذه البئر تعد الأولى ضمن سلسلة آبار استغلال مخطط لها»، مضيفا أنه سيتم إرسال آلة الحفر المذكورة بعد الانتهاء من حفر بئر «إف دي 1» إلى كاب جوبي لحفر بئر استغلال أخرى.
ورغم ذلك، ظل المكتب الوطني للهيدروكاربورات يتحدث فقط عن تقديرات بشأن إمكانات جيولوجية، وليس احتياطات، معتبرا أن القيام بالحفر وبالاختبارات وحده من سيوضح وجود النفط من عدمه.
من جهة أخرى، وبخصوص الشركات التي تشتغل حاليا بالمغرب، كشف المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن أن 31 شركة نفطية دولية، بينها شركات كبرى وأخرى مستقلة، تشتغل حاليا في مناطق مختلفة من المغرب، في البر والبحر.
كما أكد المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن المغربي أن المناطق الأكثر تقدما من حيث الاستكشاف ستعرف حفر آبار استكشافية في أواخر سنة 2013 وخلال سنة 2014، فيما يواصل المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، في إطار مخططه ووفقا لاستراتيجيته الشاملة، تعزيز وتقوية دينامية التنقيب عن النفط، من خلال جذب أكبر عدد ممكن من المستثمرين الدوليين وتكثيف أعمال البحث أكثر بالمغرب.
 
المغرب بلد نفطي منذ آلاف السنين
وبعيدا عن الاكتشافات أو التقديرات التي تعلن عنها شركات التنقيب عن النفط في المغرب، هناك مسألة مؤكدة ورسمية، وهي أن المغرب هو بالفعل بلد نفطي منذ آلاف السنين، إذ يؤكد المكتب الوطني للهيدروكاربورات أن المغرب يزخر باحتياطات هامة من الغاز الصخري، أي الصخر الزيتي، تقدر بـ50 مليار برميل، وتجعله يحتل الرتبة السادسة عالميا.
وترى أمينة بنخضرا مديرة المكتب، أن طبيعة الصخر الزيتي وتعقد عملية إبراز قيمته تحول دون وصول المغرب إلى مرحلة الاستغلال الصناعي٬ مسجلة أن المكتب اعتمد منذ سنة 2005 استراتيجية لتطوير الصخر الزيتي تتمحور بالخصوص حول الشراكة مع الشركات النفطية والشركات المنفذة. وذكرت أنه ما بين 2006 و2007 قامت شركة «شيل» بمحاولات غير أنها لم تنضج على المستوى الصناعي، مشيرة إلى أن ثلاث شركات تعتزم حاليا القيام بمحاولات رائدة لاختبار النتائج المحصل عليها٬ في الوقت الذي يجري فيه المكتب مفاوضات مع شريكين حول تمحضيت لمنحهما مساحات حيث سيجريان بعض التجارب.
وبخصوص الغاز الزيتي٬ أضافت المسؤولة أن المغرب لازال في بداية المسلسل٬ موضحة أنه تم التوقيع على اتفاقيات مع ثلاث شركات تتوفر على رخص استكشاف، كما سجلت أن بعض الشركاء سيقومون٬ في هذه المرحلة من الاستغلال٬ بعمليات حفر وسيكون بمقدورهم عبر تحاليل الطبقات الأولى (300 متر) الحصول على معلومات ملموسة.
لكن، بين تقارير الشركات الدولية وبيانات المكتب الوطني للهيدروكاربورات والاحتياطيات الحقيقية للغاز الصخرى التي تخفيها القشرة الأرضية في بعض مناطق المغرب، تذهب بعض التحليلات إلى أن ما يتم الحديث عنه اليوم هو مجرد فقاعة أو بالون اختبار تحاول السلطات من خلالها جذب اهتمام المغاربة وتحويل انتباههم عن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب حاليا، مؤكدة أنه خلال الشهور المقبلة سيستفيق المغاربة من هذا الحلم على كابوس يذكرنا مرة أخرى بفضيحة «تالسنت».
حصة المغاربة في البترول المكتشف لن تتجاوز 25 في المائة
حسب قانون الهيدروكاربورات في المغرب، فإن حصة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن حددت في 25 بالمائة في جميع استثمارات التنقيب والإنتاج، وهي أدنى نسبة في المنطقة، فهي جد منخفضة مقارنة مع 51 بالمائة التي تفرضها الجزائر على كل الاستثمارات الداخلية. كما أن الرسوم التي يفرضها المغرب على الشركات المنقبة تعتبر، هي الأخرى، متواضعة نسبيا، إذ لا تتجاوز 10 بالمائة بالنسبة للإنتاج، ما يجعل حصة مشاركة الحكومة محددة في نسبة 35 بالمائة في أي استثمار. إضافة إلى استفادة الشركات من إعفاء ضريبي يمتد إلى عشر سنوات بالنسبة للاكتشافات الجديدة. ووفقا لـ»لونغريتش أويل» البريطانية، فإن قيمة الربح بالنسبة لكل برميل منتج في المغرب يساوي قيمة الربح لـ13 برميلا في الجزائر، وما يعادل 7 براميل في نيجيريا، وقيمة ربح برميلين في مصر.
حجم استثمارات شركات التنقيب عن النفط بالمغرب يبعث على التفاؤل
- تستعدون حاليا لتنظيم لقاء حول الانتقال الطاقي في المغرب، ما الجديد الذي سيأتي به هذا اللقاء؟
< فكرة الانتقال الطاقي جاءت مباشرة بعد انخراط المغرب منذ سنة 2009 في استراتيجية جديدة للطاقة، فمنذ ذلك الوقت أسس المغرب لمستقبله الطاقي عبر وضع مخطط واضح المعالم يحدد الباقة الطاقية التي سيتم اعتمادها إلى غاية 2030. فالمسؤولون عن القطاع الطاقي لاحظوا أن المغرب مرتبط بشكل كبير بالخارج في سد حاجياته الطاقية، خاصة عن طريق المصادر الأحفورية، وهو ما فرض عليهم التفكير في الانفتاح على أنواع جديدة من الطاقة من بينها الطاقات المتجددة والطاقة النووية المدنية، وذلك بعد دراسات معمقة سواء على مستوى الجدوى أو التكلفة أو التداعيات على البيئة. ومنذ 2009 إلى الآن نظمت عدة مناظرات لاستعراض الاستراتيجية الطاقية الجديدة إلى أن وصلنا إلى اللقاء الذي سننظمه يوم 27 نونبر الجاري بالدار البيضاء، والذي سنكتشف فيه مدى النضج الذي بلغه المغرب في مجال التعامل مع الطاقات الجديدة، من خلال مجموعة من المحاور، على رأسها، الإكراهات التي تواجهها الطاقات المتجددة، والنجاعة الطاقية، بالإضافة إلى التوقعات الخاصة باستكشاف الغاز والبترول في المغرب. كما سنعرف من خلاله أين وصلنا في تنفيذ الاستراتيجية التي أطلقناها سنة 2009. ولابد من الإشارة هنا إلى أن المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والمجتمع المدني مطالبون بالمساهمة في النقاش والانخراط في ذلك، لأنه، من الآن فصاعدا، أصبح المواطنون شركاء في استعمال الطاقة داخل البيئة المحيطة بهم، وهو ما سيجعل من الانتقال الطاقي حقلا للابتكار والإبداع الاقتصادي والاجتماعي والديمقراطي بغية تحقيق رفاه المواطن.
- ما حقيقة الاكتشافات النفطية والغازية التي أعلنت عنها، مؤخرا، مجموعة من الشركات في المغرب؟
< هذا الموضوع باشرته مع الشركات الأجنبية المستفيدة من رخص التنقيب عن النفط والغاز في المغرب، ونقطة التفاؤل التي وقفت عليها شخصيا هي أنه لأول مرة تدخل إلى المغرب شركات عملاقة لها صيت دولي وتحتل الرتب الثانية والثالثة والرابعة في العالم، وتقوم بعقد اتفاقيات مع المكتب الوطني للهيدروكاربورات من أجل إنجاز دراسات زلزالية وجيولوجية من أجل معرفة مدى صحة التقارير الواردة حول وجود احتياطيات مهمة من البترول والغاز في مجموعة من المناطق المغربية، خاصة في البحر. ولابد من الإشارة إلى أنه خلال الـ20 سنة الأخيرة كانت الشركات التي تأتي للتنقيب عن النفط في المغرب صغيرة جدا، ويمكن اعتبارها شركات سمسرة لا غير، أما اليوم فالأمور مختلفة كثيرا، خاصة عندما نتحدث عن شركة بحجم «شيفرون» و»لونغريتش أويل» و»كيرن» وغيرها. وفي الحقيقة، لقد فوجئت بالاهتمام الذي أصبحت توليه هذه الشركات الكبرى للمغرب، وكذا بحجم الاستثمارات التي جلبتها من أجل التنقيب عن النفط والغاز.
- لكن، في نظركم لماذا هذا الاهتمام؟
< كما لا يخفى عليكم، فإن البنية الجيولوجية لليابسة في المغرب صعبة للغاية، والأمل الوحيد الذي ظل قائما هو قعر البحر، كما أن أسعار النفط في السابق كانت رخيصة جدا، أما اليوم فقد وصلت إلى مستويات قياسية. وبالعودة إلى هاتين النقطتين كان من الصعب على الشركات العالمية الكبرى الاستثمار في التنقيب بالمغرب، نظرا لارتفاع كلفة التنقيب بسبب صعوبة البنية الجيولوجية وعدم جدواه لأن أسعار النفط منخفضة. لكن الظرفية اختلفت كثيرا اليوم، فأسعار النفط مرتفعة وتتيح هوامش ربح كبيرة جدا يمكن أن تغطي عمليات التنقيب، سواء في اليابسة أو قاع البحر، كما أن التحفيزات التي وضعها المكتب الوطني للهيدروكاربورات أمام الشركات العالمية محفزة جدا، وهي التي دفعتها إلى اختيار الاستثمار في المغرب، خاصة في ظل وجود توترات في منطقة الشرق الأوسط. ولابد من الإشارة هنا، كذلك، إلى أنني كنت من بين الذين يتمنون ارتفاع أسعار النفط العالمية، حتى نتمكن من جذب اهتمام الشركات العالمية الباحثة عن فرص جديدة للاستثمار. 
- في حالة اكتشاف النفط في المغرب، ألن يؤدي ذلك إلى إلغاء الاستراتيجية الطاقية الحالية للمغرب والمبنية بالأساس على الطاقات المتجددة؟
< الدراسات التي قامت بها وكالة الطاقة الدولية أكدت أن الاعتماد على الطاقات الأحفورية سيستمر إلى غاية سنة 2035، وذهبت شركة «إكسن موبيل» إلى سنة 2040، في حين تجاوزت شركة «شال» كل هذه التوقعات مشيرة إلى أن استغلال الطاقات الأحفورية سيستمر إلى سنة 2050. وهذه كلها دراسات صادرة عن مؤسسات كبرى تؤكد أن العالم سيبقى رهينا بالبترول، رغم اللجوء المتزايد إلى الطاقات المتجددة، بحيث أن 75 في المائة من حاجيات العالم الطاقية ستتم تغطيتها عن طريق البترول. وبالتالي فالمغرب مثل باقي البلدان لن يكون له محيد عن استعمال الطاقات الأحفورية رغم الاستثمارات التي يقوم بها حاليا على مستوى الطاقات المتجددة.
- ما المدة الزمنية الكافية لبداية استغلال البترول أو الغاز تجاريا بعد اكتشافه؟
< عملية استغلال البترول أو الغاز معقدة للغاية، فهي تمر أولا بالدراسات الزلزالية والجيولوجية ثم تنتقل إلى عمليات الحفر، وبعد ذلك يتم الانتقال إلى تشييد البنية التحتية والأنابيب اللازمة لنقل البترول أو الغاز، وهذا يحتاج على الأقل إلى حوالي 10 سنوات، لأن هذه المراحل تحتاج جميعها لاستثمارات ضخمة جدا.

نشر في : 05:20 |  من طرف Unknown
back to top